مع بدء العمل في برنامج العناية بالمساجد التاريخية الذي تتبناه الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالشراكة مع وزارة الشؤون الإسلامية ومؤسسة التراث الخيرية التي بدأت البرنامج، ساهم عدد من الحرفيين في أعمال الترميم والزخرفة للمساجد التاريخية التي انتهى البرنامج من ترميمها وفتحها للمصلين.
واستعان البرنامج الوطني للحرف والصناعات اليدوية (بارع) بعدد من الحرفيين من ذوي الخبرة في أعمال الترميم والزخرفة للمشاركة في ترميم المساجد التاريخية، وتدريب مجموعة أخرى من الحرفيين للمشاركة في هذه الأعمال.
وفي هذا المجال قال الدكتور جاسر الحربش المشرف العام على البرنامج الوطني للحرف والصناعات اليدوية «بارع»: «نعمل على الاستفادة من الحرفيين في مشاريع العناية بالمساجد التاريخية، بحيث يتم استخدام منتجات الحرفيين في أعمال إنشاء وترميم وصيانة المساجد التاريخية، بمشاركة الحرفي في الإشراف على تنفيذ الترميمات من قبل المؤسسات أو الشركات المطروح عليها الترميم، ويكون هناك عقد يتم بين الحرفي والمؤسسة للأعمال اللازمة بمسمى «مشرف حرفي» وذلك لدمج مشاريع الحرف مع مشاريع تأهيل وتنمية التراث العمراني.
وأضاف الحربش «الهدف من فكرة أن يكون الحرفي مشرفاً ضمن المؤسسات الموجودة يعود لعدة أسباب، أولها هو تفعيل الاستثمار في المؤسسات والشركات العاملة في قطاع الحرف والصناعات اليدوية، إضافة إلى الاستثمار في قطاع الحرف عن طريق التعاقد مع الحرفيين المسجلين في السجل الحرفي، حيث يمكن وضع التسهيلات والامتيازات الكفيلة بجذب المستثمرين من الداخل والخارج، وتهدف هذه الفكرة إلى أن تمكن الحرفي من نقل الخبرة إلى مؤسسات الترميم، وتدريب الحرفيين حسب أصول الحرفة، ونعمل للاستفادة من الحرفيين المهرة المسنين والذين نعتبرهم كنوز بشرية يجب استثمارها بالشكل الأمثل.
وأوضح الحربش أنه وللاستفادة القصوى من الحرفي وسرعة الإنجاز، يتم العمل عن طريق مؤسسة، وذلك لعدم إمكانية قيام الحرفي الفرد من القيام بالإنجاز المطلوب في المشاريع الكبرى فردياً، لما فيها من صعوبة بالغة عليه من حيث العمل والالتزام، وسيتم تدريجياً الحماية والحد من العمالة الوافدة العاملة في الحرف والصناعات اليدوية، وأضاف إلى أنه سيتم استفادة الحرفي من العمل المؤسسي حتى يمكن له أن ينطلق بعد حين.
وقال الحرفي أحمد عبد الله المالكي «من خلال ممارستي للنحت منذ ما يقارب العشرين عاماً والتي ارتبطت بالنقوش الموجودة في التراث، ساهمت في عمل النقوش الموجودة في بعض المساجد التاريخية، وزادت هذه الخبرة والمعرفة خلال دراسة الماجستير والبحث العلمي المقدم في هذا المجال، وأنا فنان تشكيلي ونحّات وأكاديمي وحرفي بنفس الوقت، وتخصصي بالنقوش والزخارف التراثية، لذلك فمجالي لا يقتصر على نوع معين من الفنون أو على حرفة يدوية معينة، وإنما عمل المساجد هو جزء من تخصصي».
وأضاف أن عدد الحرفيين الذين يعملون في مجال المساجد التاريخية لا يزال محدوداً، ولكن ربما يزيد هذا العدد إذا شملنا بذلك أصحاب حرف البناء القديم الحجري والطين، وهذا لا يعني أن الجميع يفهم بالرموز والنقوش المستخدمة.
وكان صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني قد أكد على أهمية «برنامج العناية بالمساجد التاريخية» الذي تتعاون فيه الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ووزارة الشؤون الإسلامية، ومؤسسة التراث الخيرية بهدف المحافظة على المساجد التاريخية في المملكة والعناية بها، وإعادة تأهيلها، وإظهار قيمتها الدينية والحضارية والعمرانية.
ودعا سموه المواطنين إلى الإسهام في هذا البرنامج انطلاقاً من أهمية المساجد التاريخية ودورها في المجتمع. وقال: «أدعو المواطنين باسم قائد هذه البلاد أن يبادروا بالمساهمة في ترميم المساجد التاريخية، فالإحصاءات الأولية تشير إلى وجود ألف مسجد تاريخي في المملكة الكثير منها ما زال مهملاً أو اندثر وهذا لا يليق بنا كمسلمين، والمسجد أولى أن نهتم به قبل بيوتنا.
وتم مؤخراً تأسيس البرنامج في هيئة السياحة والتراث الوطني ليمثِّل نقلة جديدة للبرنامج الذي تبنته مؤسسة التراث الخيرية بالتعاون مع وزارة الشؤون الإسلامية منذ أكثر من 17 عاماً وتم من خلاله ترميم (21) مسجداً في مختلف مناطق المملكة.