د. عبدالرحمن الشلاش
لا شك أن برنامج الثامنة في قناة إم. بي. سي من البرامج القليلة التي حظيت بمتابعة جماهيرية منذ انطلاقته القوية قبل سنوات، ولعل السبب في نظري قوة الموضوعات التي يتناولها وارتباط معظمها بالهموم اليومية للناس، وكون أغلبية الضيوف قد تم اختيارهم بعناية.
جودة البرنامج كانت تحتم على القائمين عليه تناول الموضوعات الأسخن واستقطاب الضيوف الذين يضيفون للبرنامج لا العكس ! وللأمانة فقد نجح البرنامج في كثير من الحلقات، لذلك اعتبره الناس صوت من لا صوت له، فباتوا ينتظرون ظهور الشخصيات الأبرز والمكافئة لقيمة البرنامج. البرنامج كما هو واضح من خطه الذي رسمه منذ البداية أنه معني بمناقشة المشكلات والقضايا التي تهم الغالبية على اعتبار أن موضوعات كتلك المخصصة للشباب أو الأطفال أو الرياضة أو الطبخ لها برامج مستقلة تناقشها وتبرزها وتسلط الأضواء عليها.
الأسبوع الماضي خرج البرنامج عن مساره الجميل باستضافته لطفل يقال له «أبو سن». ويبدو أن تسميته بهذا الاسم لأن نابه الأمامي طويل مقارنة ببقية أنيابه. قصة أخينا الصغير «أبو سن» أن أجهزة الأمن السعودي قد ألقت القبض عليه بعد أن خرج عن الآداب العامة وأساء للذوق وخدش الحياء من خلال ظهوره في مقاطع محادثات فيديو مباشرة في أحد مواقع التواصل الاجتماعي مع فتاة أجنبية وتبادل عبارات حب وغزل في مظاهر رأى فيها كثيرون خروجاً عن منظومة القيم المجتمعية، وأوقف في السجن لأكثر من عشرة أيام وعرض على هيئة التحقيق والادعاء العام ثم تم تأديبه وإطلاق سراحه.
بدلاً من أخذ العبرة من هذه الحادثة وتوعية الصغار وإبراز هذه الواقعة على أنها سلوك سيئ ينبغي أن لا يقع فيها الصغار تلقف البرنامج هذا الحدث الصغير وخصص له حلقة كاملة ليقول ما يريد ويبرر سلوكه بالطريقة التي يراها، وأجلسه على الطاولة مع دكتورين فاضلين عالمين في مجالي تخصصهما يحاور ويناقش ويرد ويرى أن الموضوع لا يستحق الزعل!.
ترى كيف نظرة الصغار للملقب بأبي سن الآن؟ بالتأكيد سيرون فيه الشخصية الخيالية التي يشاهدونها في أفلام الكارتون، والسوبرمان الذي يتمنون الوصول لمستواه ومحاكاته كي يظهروا في التلفزيون مثله يستضافون ويوزعون الابتسامات ويفتخرون أمام أهلهم وأترابهم، وهذا لا شك توجه خطير مخل بالتربية السليمة.
أتمنى أن يبقى برنامج الثامنة ضمن أهدافه الأساسية وألا يتحول إلى كشكول يتبنى أي موضوع فيستقطب كل من هب ودب!