حميد بن عوض العنزي
** توجه بعض الوزارات والهيئات الحكومية إلى تأسيس شركات تابعة لها (كشركات حكومية 100 في المائة) لتنفيذ أعمال لها طابع استثماري، يحتاج إلى ضوابط وتقنين لكيلا تتحول هذه الشركات التي تحظى غالبًا بدعم مالي وتشريعي إلى منافس للقطاع الخاص في ذات المجالات، وخصوصًا عندما تتجه تلك الشركات إلى الاستثمار خارج نطاق وحدود الجهات التي أنشأتها، مستفيدة في كثير من الأحيان من الدعم الذي تلقاه من الجهاز الحكومي.
** لا يجب أن يتحول القطاع الحكومي إلى منافس للقطاع الخاص لأن في مثل هذه الحالات ينعدم تساوي الفرص، وهذا ليس من الشراكة التي تسعى الحكومة إلى تنميتها مع القطاع الخاص، وهي نوع من المنافسة غير العادلة، يذكر الدكتور عبدالله دحلان أحد الأمثلة التي تصور لنا تلك المنافسة: «على سبيل المثال شركة البلد الحرام في مكة المكرمة التابعة لأمانة مكة المكرمة التي دخلت في الاستثمار في مجال إعاشة الحجاج وإسكان الحجاج وتخطط لمنافسة شركات نقل الحجاج والمعتمرين داخل مكة المكرمة. وهناك توجه للاستثمار في بناء وتشغيل الفنادق والشقق المفروشة والسكنية وهي جميعها أعمال كانت من أهم أنشطة أهل مكة المكرمة وتجارها. وليس لأهل مكة المكرمة من نشاط منذ القدم سوى خدمة الحجاج والمعتمرين من إسكان ونقل وإعاشة وبيع وشراء. ويقال أيضًا - والحديث للدكتور- إن هناك توجهًا لوزارة الحج لإنشاء شركة تابعة لها تقوم بأعمال خدمات الحجاج لتحل محل مؤسسات الطوافة التي كان وما يزال يعيش منها الآلاف من أهل مكة المكرمة».
** نعرف أن معظم الوزارات اتبعت خطوات وزارة العمل ووزارة التجارة في إنشاء الشركات ومن أهداف ذلك انعتاق المصروفات المالية لتلك الوزارات من البيروقراطية حيث سمحت هذه الأذرع الاستثمارية للوزارات بالصرف بعيدًا عن تعقيدات البنود الرسمية التابعة لوزارة المالية، ولهذا شاهدنا كيف تدفع بعض الوزارات رواتب يتجاوز بعضها راتب الوزير نفسه، ولا اعتراض على ذلك من حيث المبدأ، إلا أن قفز تلك الشركات إلى خارج حدود نطاق الوزارات ودخولها في منافسات مع القطاع الخاص دون توفير البيئة التنافسية العادلة لكلا الطرفين يجب أن ينظر فيه، إذا أردنا بالفعل تشاركية حقيقية مع القطاع الخاص وأن يحقق معدلات نمو جيدة ويسهم في برامج التوظيف ورفع مساهمته في الناتج المحلي.