د. عبدالواحد الحميد
في سويسرا اعتقلت السلطات الأمنية إمام أحد المساجد التي تقع بالقرب من مدينة زيورخ بعد أن ألقى خطبة حرَّض فيها المصلين على قتل المسلمين الذين لا يؤدون الصلاة جماعةً في المسجد.
هذا الإمام، حسب وكالة الأنباء الفرنسية ومصادر أخرى، هو شخصٌ إثيوبي ممن وصلوا في الآونة الأخيرة إلى سويسرا، وهو رجل متشدّد في خطبه ومواعظه التي يلقيها على المصلين، بالرغم مما يعرفه الجميع عن الأجواء المعادية التي يعيشها المسلمون في المجتمعات الأوروبية بعد الأعمال الإرهابية التي قام بها تنظيم داعش.
وحكاية الإمام الإثيوبي الواصل حديثاً إلى سويسرا تفجر ألف سؤال وسؤال! فمن حيث المبدأ، كيف تسمح السلطات السويسرية لشخص بمثل توجهات هذا الرجل أن يمارس الإمامة والخطابة في وقت صار فيه من السهل، تقنياً، على السلطات الأمنية والاستخباراتية أن تحصل على معلومات تتضمن الحد الأدنى الذي تستطيع بموجبه أن تحدد مدى ملاءمة شخص ما أن يكون إماماً وخطيباً في ظل الظروف التي تعيشها أوروبا.
الأمر الثاني هو أن المسجد الذي كان يخطب فيه هذا الإمام يحمل تاريخاً حافلاً بالمخالفات حتى أن الشخص الذي كان يمارس الإمامة والخطابة قبل الإمام الإثيوبي كان قد تم عزله وإيقافه بسبب خطبه التي قيل إنها تحث على الكراهية. ولذلك فإن السؤال الذي يثير الدهشة ويحتاج إلى إجابة تحترم العقول هو: كيف تسمح السلطات السويسرية لمثل هؤلاء الناس أن يتمتعوا بما تمنحه الدولة السويسرية من تسهيلات وبرامج ضمان وحماية اجتماعية فضلاً عن أن تسمح لهم بالإمامة والخطابة.
هناك نظرية تقول إن البلدان الأوروبية هي التي صنعت أولئك المتطرفين ووفرت لهم الحماية، وإنها راضية عمَّا يقومون به لغرض في نفس يعقوب.
ويرد آخرون بأن هذه هي نظرية المؤامرة التي صارت مشجباً نعلِّق عليه أخطاءنا ومصائبنا.
الحقيقة أن قصة داعش والمنظمات الإرهابية الأخرى لم تُرْوَ بعد، ولو كشفت الأيام في المستقبل البعيد جميع فصول هذه القصة ودور الحكومات الغربية في نسجها فمن المرجح أن تكون قصص الخيال العلمي أكثر واقعية منها.