د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
لن أغرق المقال في تحليل واقع «الحوثي» الذي انكشف وتكشف من خلال انحرافه عن الفطرة الإسلامية السليمة وما هو عن «المرتدين» ببعيد واختلافه عنهم أنه لا ينسج وحده، فهناك في «قم» مصنع نسيجه البالي.
(تلك العصا من هذه العصية
وهل تلد الحية إلا الحية)
لقد ارتكب أولئك الخوارج في اليمن وغطاؤهم المنكشف في إيران جريمتهم النكراء حين استهدفوا بصواريخهم في أواخر الشهر الماضي مقدسات المسلمين في مكة المكرمة قبلة المسلمين ومهوى أفئدة المؤمنين» وتلكم لعمري حالة استفزاز كبرى للأمة الإسلامية وخروج على المسلمين ومخالفة لأوامر رب العباد الذي قال عزّ من قائل: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (الحج 25).. ولقد تواردت نعوت كثيرة ألبستها المجتمعات الإسلامية أفراداً ومؤسسات لأولئك المعتدين، فاستدعى الواقع «تاريخ أبرهة الأشرم وأصحاب الفيل الذين جعل الله سبحانه وتعالى كيدهم في تضليل»؛ وهناك من استدعى تاريخ القرامطة؛ وحادثة الاعتداء على بيت الله في عهودنا القريبة المزدهرة أمناً عام1400, وعلى الرغم من فداحة الجريمة التي نفذها الحوثي تحت أستاره وأسماله، إلا أن الله رمى واستل نواياهم من أعماق صاروخهم فهوى وهوت معه مخططاتهم, وكان انتصاراً بأيد سعودية تردد دائماً.
«يا ويحهم لم يعرفوا أن الحمى
طود وأن حماته أحرارُ
تتحطم الرغبات دون سفوحه
ويذوب دون مرامه الجباُر
لم يبنه عبدالعزيز على شفا
مترنح يلوي به الإعصارُ
أو عند بيت الله ثأر يبتغى
حتى يردد في حماه الثارُ
حذرت حِماه الجاهلية حسبة
وتجانفت عن سوحه الأوزارُ»
وله بأفئدة الورى قدسية
وعليه من عرفَ الإلهَ يغارُ
وإليه يعنو كل طرف خاشع
ويحج فرضا لازما ويزار
وتتوالى المسامير التي تدق في نعش الحوثي وأعوانه, وأحسبهم يلفظون النفس الأخير بعون الله وقوته, ولقد برهنت الأحداث أن وصمة خزي كبرى تعلّقت على أعلامهم المنكسة, وعلى أطماعهم التي اتخذت من المجتمعات البائسة قواعد للحضور والتمدد, وفي مغاراتهم وكهوفهم المكشوفة صنعوا صواريخهم المجردة من معاني الإنسانية, وتصدى لهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه, ومهما يكن من ارتفاع وتيرة التصعيد الحوثي فإن بلادنا بقيادة خادم الحرمين الشريفين ملك الحزم والعزم توشحت الحكمة واستمرت في دعمها للشرعية في الشقيقة «اليمن» ومن الملاحظ أن سلطة الآخر التي يتزعمها خوارج بلاد اليمن إعلامياً في تخريج استهدافهم العدائي لبلاد لمكة المكرمة لم تصمد أبواقها مقابل ملايين المسلمين الذين يحملون في وجدانهم سلطة الإيمان العميق والمشاعر الفياضة التي لم تولد أبكارا بل تأصلت منذ بزوغ فجر الإسلام. وسوف يسجل التاريخ نسيجه حول صاروخ الحوثي وأعوانه الذي استهدف مكة المكرمة بأنها ملحمة انتصار مختلفة, وأن الحدث فاتحة النهاية بإذن الله ومن مفاخر التحالف قوة ونتيجة, وأنه كان لكلمة المسلمين ومشاعرهم معلناً ومؤكداً وللمعتدي حسرة وكمداً فنفاذ العزائم يظهر قبل حين ظهوره.
حفظ الله بلادنا ومقدساتنا وقيادتنا الحكيمة الرشيدة ونصر الله قوات الحق والسلام.