إبراهيم عبدالله العمار
دائم خير من كثير منقطع. حكمة شهيرة، لكن لماذا يأبى الكثير تطبيقها؟ لماذا يفضل الناس تقديم الكثير المنقطع؟ لا أدري. لكن أدري أن الاستمرارية من أهم أسس السعادة، والراحة، والنجاح، وكل شيء طيب.
ماذا أقصد؟ لنأخذ السمنة مثالاً. كثرت السمنة في عصرنا هذا بسبب قلة الحركة وسوء التغذية، وأتى معها الكثير من الأمراض، لكن ماذا يفعل الناس لحل المشكلة؟ حمية مؤقتة تختفي بعد أسبوعين، أو اشتراك في نادي وممارسة الرياضة بضعة أيام ثم يتكوّم الغبار على بطاقة العضوية.
لو عرف هذا الشخص أن الحل هو في الاستمرار على القليل فهل سيفعل هذا؟ لا يحتاج الشخص حمية قاسية ولا تمارين شاقة، بل فقط تعديلات بسيطة على الغذاء اليومي بالإضافة لنصف ساعة مشي عدة مرات في الأسبوع تكفي لتجعل الوزن ينقص كثيراً بعد عدة أشهر. السر: الاستمرارية. يجب أن يكون التفكير بعيد المدى. الحلول التي تحاول عمل الكثير من أجل نتائج قصيرة المدى قلّما تفلح.
نفس المبدأ في الدين. الاستمرار على طاعة يسيرة (مثل سنة راتبة، أو صوم نافلة، أو صدقة يومية) أفضل من أن يقدم الشخص الكثير من الأعمال الصالحة ثم ينقطع عنها فترات طويلة ثم يعود لها. حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أَحَبُّ العَمَلِ إِلى اللهِ مَا دَاوَمَ عَلَيهِ صَاحِبُهُ وَإِنْ قَلَّ.
وإن قلَّ. أي الاستمرارية هي الأفضل بغضّ النظر عن كمية العمل. أن تذكر الله 20 مرة كل يوم وتداوم على ذلك أفضل من أن تذكره 2000 مرة اليوم ثم تترك الذكر أسابيع ثم تعود.
ستجد مبدأ «الاستمرارية على القليل» ينطبق على الكثير من الأشياء. وردة تهديها زوجتك كل أسبوع أفضل من هدية ثمينة تأتيها كل عدة أشهر. زيارة قريب ولو نصف ساعة بشكل منتظم أفضل من أن تقضي معه يوماً كاملاً مرة في السنة. تحفظ 3 آيات وتتدبرها كل يومين أفضل من ساعات تحفظ فيها صفحات ثم تنساها بالأشهر. تتعلم 3 كلمات انغليزية في اليوم وتستخدمها أفضل من دورة مكثفة مدتها عدة أسابيع تنسى بعدها تطبيق اللغة فترات طويلة. الأمثلة لا حصر لها.
انظر إلى الأشياء التي تحاول إنجازها، واسأل نفسك: كيف أضع خطة لأفعل هذه الأشياء لكن بطريقة أساسها «الاستمرار على القليل»؟ طبق هذا وافرح بالنتائج.