يوسف المحيميد
رغم ما تسعى له أمانة الرياض من تخصيص أرصفة مشاة في الأحياء، وإنارتها، وما تبذله من نشاط خجول في التشجير، في محاولة لرسم البسمة على ملامح أحيائها، إلا أن عشوائية المحال المنتشرة من نشاط واحد في شوارع الأحياء، يجعل منها مدينة العجائب والغرائب، خاصة حينما يتعلق الأمر بأنشطة تمثّل خطرًا أو تلويثًا للبيئة، كنشاط محطات البنزين، وورش صيانة السيارات، وغيار الزيوت، ومحال قطع الغيار وزينة السيارات وتظليلها وغسيلها، وكل ما يرتبط بالسيارة من خدمات مختلفة، وما يرتبط بهذه الأنشطة من انتشار كبير لعمالة وافدة مختلفة الجنسيات، لا نعرف مدى إقامتها بشكل نظامي من عدمه، وما يثير ذلك من مخاوف في هذه الأحياء الجديدة!
وتصبح الدهشة أكبر، بأن هذه المحال تنتشر حتى في أحياء شمال الرياض، الأكثر كلفة للسكن والعيش، ومع ذلك يشعر الساكن في بعض أحيائها بالفوضى والتلوث والضجيج، كما لو كان يعيش في المنطقة الصناعية، فلماذا لا يقنن فتح مثل هذه الأنشطة التجارية، ويقتصر وجودها على مناطق مخصصة، أو على الأقل الاكتفاء بمحل واحد فقط في الحي، أو الشارع، فلا يتكرر المحل بالنشاط ذاته، في مساحة كيلو مربع من أحياء هذه المدينة العابسة!
أما أن تتناسخ المحال وتتشابه بنشاط تجاري واحد، ليس في الحي ذاته، ولا في الشارع ذاته، بل حتى في العمارة الواحدة، فهو ما يضاعف حجم الأسئلة بحثاً عن إجابات، هل الأمر قصدي؟ أم عشوائي؟
لكي تصبح المدينة إنسانية بشكل أكبر، ومريحة وقابلة للعيش والمتعة والسعادة، يجب التخفيف من كل ما له علاقة بالآلة، سواء المركبات أو ما يتعلق بها، وفي المقابل منح النشاطات المتعلقة بالإنسان فرصة أكبر، كالمكتبات وصالات عرض الفنون والأندية والمقاهي وغيرها، مما يقلل من التلوث من جهة، ويقيم علاقات إنسانية طبيعية بين الناس من جهة أخرى.
أعيدوا إنسانية الرياض، كي تعود إنسانيتنا!