وَنَبْأَة ٍ أَطْلَقَتْ عَيْنَيَّ مِنْ سِنَة ٍ
كَانتْ حِبَالَة َ طَيْفٍ زَارَنِي سَحَرَا
فَقُمْتُ أَسْأَلُ عَيْنِي رَجْعَ مَا سمِعتْ
أُذْنِي، فَقَالَتْ: لَعَلِّي أَبْلُغُ الْخَبَرا
ثُمَّ اشرأبَّت، فأَلفَت طائراً حَذِراً
عَلَى قَضِيبٍ يُدِيرُ السَّمْعَ والْبَصَرَا
مُستوفِزاً يتنَزَّى فوقَ أيكَتهِ
تنَزَّى القلبَ طالَ العهدُ فادَّكرا
لاَ تَسْتَقِرُّ لَهُ سَاقٌ عَلَى قَدَمٍ
فكُلَّما هدأَت أنفاسهُ نَفرا
يَهفو بهِ الغصنُ أحياناً، ويرفَعهُ
دَحْوَ الصَّوَالِجِ فِي الدَّيْمُومَة ِ الأُكَرَا
ما بالهُ وهوَ فى أمنٍ وعافية ٍ
لاَ يَبْعَثُ الطَّرْفَ إِلاَّ خَائِفاً حَذِرَا؟
إِذَا عَلاَ بَاتَ فِي خَضْرَاءَ نَاعِمَة ٍ
وَإِنْ هوَى وَرَدَ الْغُدْرَانَ، أَوْ نَقَرَا
يَا طيْرُ نَفَّرْتَ عَنِّي طَيْفَ غَانِيَة ٍ
قَدْ كَانَ أَهْدَى لِيَ السَّرَّاءَ حِينَ سَرَى
حَوْراءُ كَالرِّئْمِ أَلْحَاظاً إِذَا نَظَرَتْ
وصُورة ِ البدرِ إشراقاً إذا سَفرا
زَالَتْ خَيَالَتُهَا عَنِّي، وَأَعْقَبَهَا
شَوقٌ أحالَ على َّ الهَمَّ والسَّهرا
فَهل إلى سنةٍ إن أعوزَت صِلة ٌ
عَوْدٌ نَنَالُ بِهِ مِنْ طَيْفِهَا الْوَطَرَا؟
- محمود سامي البارودي