سعد السعود
واتحاد الكرة يلملم حقائبه استعدادًا لمغادرة مقره.. لا أدري كيف نجا من المساءلة القانونية والمحاسبة المالية في بعض تصرفاته.. التي كبدت خزانة الاتحاد خسائر
مالية.. بل إن بعضها تسبب في اختلال ميزان العدالة بين الفرق.. فضلاً عن كمية المداهنة للبعض، والضرب بعصا من حديد للبعض الآخر.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، وإلا فالقائمة تطول: لماذا لم يتم التحقيق في منح اتحاد الكرة لناديي النصر والأهلي رخصة آسيوية غير مستحقة قبل عام في حين تمت محاصرة نادي الاتحاد بالشروط؛ إذ طُبقت بحذافيرها عليه، وهي الشروط التي كانت حبيسة درج المسؤول قبل سنة؛ ليشارك النصر والأهلي، ويُحرم الاتحاد من البطولة؟
أيضًا من جراء هذه الانتقائية الفجة والمجاملة الفاضحة وجدنا أن صاحبَي المركز الخامس والسادس حُرما من المشاركة رغم أحقيتهما بذلك بسبب مشاركة النصر والأهلي مع عدم استيفائهما الشروط الآسيوية. في المقابل، استفاد الفتح هذا العام من إقصاء نادي الاتحاد
من المشاركة.. أليس في ذلك ظلم بيِّن لصاحبَي المركز الخامس والسادس قبل عامين، في حين نال الفتح حقه من العدالة؟ وكأن هذه العدالة تم استدعاؤها متأخرًا بعد أن كانت خارج التغطية.
الأهم من هذا وذاك لماذا لم يحاسَب اتحاد الكرة عن هذا الهدر المالي من خلال تحمله غرامة الاتحاد الآسيوي البالغة 150 ألف دولار نظير السماح للنصر والأهلي بالمشاركة؟.. ثم أليس من المنطق والعدل أن يتحمل من وقّع على المشاركة تبعات إمضائه، ويدفع من حر ماله لا
أن تكبد خزانة الاتحاد هذه الخسارة؟.. أم أن أموال اتحاد الكرة مزجاة على قارعة الطريق لكل عابر سبيل يحتاج إليها.. فيمكن مثلاً لأي عضو أن يعبث ويتجاوز الأنظمة إما جهلاً أو مجاملة أو إملاء ميول.. وعندما يحين موعد معاقبته ماليًّا يسدد ذلك بكل سهولة من أموال الاتحاد.. أي منطق هذا؟!
المضحك أن اتحاد الكرة الذي قفز على النظام.. وحابى أندية على أخرى.. وسلب حقوق فرق بالمشاركة.. وسقط سقوطًا ذريعًا في تطبيق مبدأ المساواة.. ولم يحافظ على نزاهة التنافس بين الفرق التي تنضوي تحت لوائه.. فلم ينصف أندية، ووقف بصف أندية.. المضحك أن هذا
الاتحاد هو نفسه من لاحق العضو لديه الدكتور عبداللطيف بخاري بسبب تغريدة، وحاصره بالإيقاف
والغرامة.. فبربكم أيهما أشد جرمًا، تغريدة شككت بوجود شبهات لتتويج فريق بالمستقبل.. أم من اتخذ قرارًا مهّد من خلاله الطريق لفريق بالمشاركة آسيويًّا، ومنحه الغطاء اللازم بتقديمه الرخصة على طبق من مجاملة؛ ليظلم بعدئذ الفِرق الأخرى ممن يشاركونه اللعبة ذاتها، وينافسونه بالملعب ذاته، ويفترض أنهم يتفيؤون ذات السقف النظامي والقانوني؟.. برأيكم من
الأولى بالإيقاف؟ ومن يستحق أن يحاسَب حسابًا دقيقًا على تجاوزه أكثر من الآخر؟ أصاحب القول أم صاحب الفعل مقارنة بحجم خطأَيْهما؟
الغريب أن كل ما سبق من فوضاوية حدث أمام مرأى الرأي العام.. وعلى رؤوس الأشهاد.. ومع هذا لم نرَ من الجمعية العمومية أدنى استفسار، ولن أقول مساءلة حتى لا أوصم بالطمع.. ثم أين هي مؤسسات الدولة القانونية والمالية لتحاسب المفرطين بالأمانة الموكلة إليهم.. علاوة على أنه يجب وعاجلاً: استيضاح الأمور في آلية دفع غرامة الاتحاد الآسيوي، وخصوصًا أن المبلغ الذي دفع يتجاوز نصف مليون ريال؛ ما يعني هدرًا ماليًّا كبيرًا.. فإن كانت الفرق مطالبة كل عام بتقديم حسابها السنوي فمن باب أولى أن يتم الصنيع ذاته من الجهة المشرفة، وأعني هنا اتحاد الكرة بعد انتهاء فترته الانتخابية؛ لذا ننتظر تدخلاً وتحقيقًا في ذلك من قِبل هيئة الرياضة.. وهي التي تدخلت قبل شهور في قضية المجزل، وحركت المياه الراكدة؛ لتطبق مبدأ المنافسة الشريفة.. فهل حلال على اتحاد الكرة القفز على النظام حرام على بخاري والمجزل التجاوز؟!
لاحظوا أني ذكرت أمرًا واحدًا، وهو منح الرخصة الآسيوية.. حاولتُ أن أسلط الضوء على تبعات
ذلك القرار الجائر.. فما بالكم لو فتحت كل السجلات، وعرضت قائمة القرارات.. عليكم تخيل حجم الأخطاء وما جرّته من ويلات على بعض منتسبي الوسط الرياضي، سواء أندية أو أشخاصًا.. ومع كل هذا فالاتحاد سيغادر بعد أيام بكل سلام.
أخيرًا، فقط لدينا بمجرد انتهاء فترة عملك أو استقالتك تنتفي عنك كل التبعات القانونية والمالية.. فيمكنك مثلاً وأنت رئيس ناد أن تغادر مرفوع الرأس وقد تركت ناديك يختنق بالديون.. وكذا الأمر لدى المسؤول الرياضي.. فيمكن أن تُحمِّل مَن خلفك تركة من الأخطاء.. وتمضي إلى حال سبيلك إن لم يتم شكرك وكتابة معلقات الثناء بعملك، وسكب عبرات الرثاء على رحيلك، لا لشيء إلا لأنك تنتمي لذات اللون المحبب لأحدهم.. ثم بعد ذلك نتساءل: لماذا الأندية تعاني الديون؟ ولماذا المسؤول الرياضي لا يهتم باعتراض الأعضاء، ولا يأبه بالجمعية العمومية، ولا يعير انتباهًا للنقد الذي يأتيه؟ ببساطة، نحن من منحهم الضوء الأخضر للعبث بعدما فرطنا بعدم استخدام اللون الأحمر لإيقاف أي مغادر قبل أن يقدّم كشفًا كاملاً لعمله وكل ريال صرفه.. لذا انتظروا الكثير من العبث.. المزيد من الديون.. وعندما تكبر كرة الثلج من هذا وذاك فلا ننسى أن نحمل الورود للمغادرين.. ويا دار ما دخلك شر!!
آخر سطر
ألقاه في اليم مكتوفًا وقال له...
إياك إياك أن تبتل بالماء