لبنى الخميس
في ظل سيطرة مواقع التواصل الاجتماعي على أكثر من8 ساعات من يومنا.. ظهرت احتياجات و(ثغرات) نفسية جديدة ناتجة عن مقارنة نفسك مع الآخرين بحثاً عن القبول الاجتماعي .. تصاعد عدد المتابعين لك بسناب شات أو تويتر، عدد «اللايكات» التي تحصل عليها في فيس بوك، وكثافة الرسائل التي تصلك على الواتس أب.. والنتيجة؟ ضغط نفسي عال، يؤثر بشكل سلبي على: مزاجنا، نفسياتنا، وثقتنا بأنفسنا. ما يطرح سؤالاً جوهرياً .. كيف نحافظ على صحة نفسية جيدة وثقة عالية بالنفس رغم ضغوط «السوشل ميديا»؟ وما هي الاعتقادات الثلاثة التي يجب أن نغيرها في سبيل تحقيق السعادة والراحة.
غالباً ما يبدأ داء المقارنات السلبية لنوعية وجودة حياتك مقابل أسلوب حياة الآخرين شكلاً ومضموناً في أولى ساعات الصباح حينما تفتح عينيك وتلتقط هاتفك الجوال وتبدأ بإجراء مسح كامل على كل ما فاتك خلال فترة نومك. بالرغم بأن الساعة الأولى من اليوم هي من أهم الساعات كون المستقبلات الذهنية والطاقية والجسدية تكون في أفضل حالاتها، فننهكها بمراقبة الآخرين، في حين أنه يستحب أن تكون مخصصة للاعتناء بنفسك عبر جملة من النشاطات الإيجابية مثل التأمل، ذكر الله سبحانه وتعالى، مراجعة أهدافك وغيرها.
الصحة النفسية مثل الصحة الجسدية، حتى نظل في حالة نشاط ورشاقة يجب أن نمارس التمارين الرياضية ونتبع حمية غذائية سليمة. لكن ما لا تتحدث عنه البرنامج ولم نتعلمه في المدارس، بأن سلامتنا النفسية تتطلب تمارين امتنان، وحمية عن السلبية والتشاؤم، ورفع أوزان ثقيلة من الهموم والمخاوف عن أكتافنا.
قبل فترة قليلة استمعت بإنصات واهتمام، لإحدى خطابات شبكة تيد، تناولت المتحدثة فيها ثلاثة اعتقادات تدمرنا آثرت أن أشارككم إياها عبر هذا المقال لأهميتها.
- اعتقاداتنا عن أنفسنا: نميل في العمق إلى الشعور بالأسى تجاه أنفسنا وذواتنا خصوصاً حين نردد تساؤلات مريرة مثل «لماذا تواجهني المصاعب والتحديات دون غيري من الناس؟ ولماذا ينعم من حولي بالسلام والطمأنينة وأعيش في دائرة مفرغة من المخاوف والضغوطات؟ والمعضلة الرئيسية خلف تلك التساؤلات بأنها تصرفك عن محاولة إيجاد حل بقدر ما تحفزك للشعور بالمزيد من الشفقة تجاه نفسك.
- اعتقاداتنا عن الآخرين: حين نؤمن بأن الآخرين يملكون مفاتيح التحكم بخياراتنا، قراراتنا، وحياتنا، في حين أنك المتحكم الوحيد في حياتك، ربما ليس بشكل كامل ومطلق ولكنك تحظى بدرجة أعلى بكثير مما تعتقد من الحرية للتحرك وإدارة التغيير في عالمك.»
- اعتقاداتنا عن العالم: حين نظن بأن العالم مدين لنا، بمعنى أننا حينما نقدم أعمالا خيّرة، سنكافأ بذات الحجم ونفس الطريقة. العالم غالباً سيرد لك الخير لكن كيف متى وأين ستظل إجابات مجهولة.
في ظل هذه الاعتقادات التي تسيطر بسطوتها على حياة الملايين من الناس، يبرز السؤال الأهم ما هو الحل؟ وكيف نبدل تلك المفاهيم السلبية التي تعشعش في عقولنا إلى اعتقادات إيجابية؟
معظم اعتقاداتنا السلبية تأتي كنتيجة لاختبارنا مشاعر مزعجة، مثل الخوف من الوحدة، ألم الفقد، ومرارة الفشل. ولعل أفضل وسيلة للتغلب على تلك المشاعر هي ليس برفضها أو الهرب منها بل معايشتها ومنحها فرصة للتعبير عن نفسها، أما اعتقاداتنا السلبية عن الآخرين فتأتي كنتيجة لمقارنة أنفسنا مع الآخرين، وافتراض أنهم أسوأ أو أفضل منا. في حين أن الشخص الوحيد الذي يجب أن تقارن نفسك به هو: أنت.
أما معالجة الاعتقاد الأخير وهو مفاهيمنا المغلوطة عن العالم فتأتي بتحرير فكرة أن العالم يجب أن يسير كما نشتهي، اسمح للحياة أن تفاجئك وتسير بشكل مختلف عن مسار خطتك فإن لله في خلقه وأقداره شؤون لا يعلمها إلا هو.