عمر إبراهيم الرشيد
من المعلوم لدى المطلعين أن الرياضة غدت صناعة قائمة بذاتها وقوة ناعمة مؤثرة، تحرك الاقتصاد الراكد وتحسن أمزجة الشعوب مما يزيد من نشاطها وإنتاجها. في البرازيل مثلاً كانت الحكومة وربما ما تزال تقيس مزاج الشعب العام ونشاطه بتعداد الحضور الجماهيري في ملعب الماراكانا الكروي إذ إن امتلاءه يعطي مؤشراً على ذلك. مباريات كرة القدم الأمريكية تعتبر مواسم ترفيهية كبرى تضخ فيها الملايين، كما أن وتيرة الاقتتال إبان الحرب اللبنانية تخف وتهدأ الجبهات خلال مباريات كأس العالم لكرة القدم في تلك الفترة. الملاعب الكروية والمجمعات الرياضية بشكل عام لم تعد مجرد حاضنات للمباريات بل غدت مراكز نشاط ترفيهي اقتصادي واجتماعي، وتخلق وظائف مؤقتة كما أنها تعد بيئات ملائمة لزيادة الوعي الاجتماعي ورفع الذائقة الشعبية إذا أحسن استغلالها لهذا الغرض. الدعم الذي قرر مجلس الوزراء في المملكة تقديمه للرياضيين في مختلف الألعاب يعد نقلة نوعية في التخطيط والعمل الرياضي باعتبار الرياضة مساهماً في القوة الوطنية الناعمة، ووجهاً حضارياً لا ينبغي التعامل معه عشوائياً أو بالاجتهادات الفردية، بل بالتخطيط بعيد المدى والصبر وعدم استعجال النتائج وهو ما بدأت تظهر ملامحه مؤخراً من خلال منتخبي الشباب والأول لكرة القدم، وكذلك منتخب لعبة الكاراتيه الذي حقق عدة إنجازات قارية ودولية. المعطيات تظهر أن الهيئة العامة للرياضة بدأت تعمل وفق الرؤية الوطنية 2030، نقول هذا وفق ما يتحقق حالياً وبعد صدور قرار مجلس الوزراء بدعم الرياضيين والإداريين المتميزين محلياً ودولياً.
يتبقى العمل على إزالة المعيقات التي تؤثر على عمل هذا التوجه والرؤية الشاملة، منها التخبط والتذبذب الفني والإداري لدى الأندية، وضعف وتدهور إدارة الموارد المالية فيها، مما أثر على مسيرتها إقليمياً وبالتالي دولياً. العمل في الأندية السعودية يغلب عليه الفردية ويخضع لتأثير الداعمين أحياناً كثيرة، وحال كهذا لن ينتج صناعة رياضية منافسة، فالعمل المؤسساتي الذي تشهده الأندية العالمية هو ما أوصلها إلى ما هي عليه، طابت أوقاتكم.