د. أحمد الفراج
غدا، الثلاثاء 8 نوفمبر، سيقول الأمريكيون كلمتهم، وينتخبون رئيسهم القادم، في ختام واحد من أشرس سباقات الانتخابات الرئاسية، وأكثرها إثارة وتشويقا، فالإثارة، والمفاجآت لم تتوقف، وسيكتب المؤرخون أن الحزب الجمهوري، حزب الرئيس التاريخي، ابراهام لينكولن، تردد حتى اللحظة الأخيرة، في ترشيح دونالد ترمب رسمياً، رغم أنه حصد أصوات المندوبين اللازمة، وحاز على ثقة أغلبية الجمهوريين، كما سيذكرون أن كثيراً من الرموز الجمهورية البارزة شجبت مرشح الحزب الرسمي، وأعلنت عدم دعمها له، وأن الأمر وصل درجة أن الصقر الجمهوري، الرئيس بوش الأب، صرح بأنه سيصوت للمرشحة الديمقراطية، هيلاري كلينتون، وما أكثر ما سيستوقف المؤرخون عند هذه الانتخابات التاريخية التي قدمت للشعب الأمريكي أسوأ مرشحين، ربما عبر التاريخ السياسي الطويل لأمريكا.
وحتى أبسط لكم الأمر عن يوم الغد الكبير، أذكركم بأن العبرة ليست في من سيكسب الأصوات الشعبية، بل في من سيتمكن من الحصول على الرقم السحري من أصوات المجمع الانتخابي، أي الرقم «270»، وتذكروا هذا الرقم السحري جيدا، ففي أمريكا، لا يصوت الشعب للمرشح مباشرة، بل يصوتون للمندوبين، الذين بدورهم يصوتون، في وقت لاحق، لاختيار الرئيس، ومن يحصد (270) صوتا، من أصوات المجمع الانتخابي، البالغ عددها (538) صوتاً، سيكون رئيس الإمبراطورية الأمريكية القادم، وتذكروا أن أعضاء المجمع الانتخابي يفترض أن يصوتوا لمن صوت له الشعب. هذا، ولكن بإمكانهم التصويت ضد رغبة الشعب، وهذا نادرا ما يحدث، ففي الديمقراطية الأمريكية المختلفة عن كل ديمقراطيات العالم، وكما فصلت في مقالات سابقة، لا يحسم فوز الرئيس بغالبية أصوات الشعب، بل بأصوات المندوبين الذين يمثلون هذا الشعب، فكل ولاية أمريكية يمثلها عدد من المندوبين، يعادل عدد ممثليها في الكونجرس، فولاية كاليفورنيا الكبيرة (الجائزة الكبرى)، لها خمسة وخمسين مندوبا (55)، وولاية ديلاوير الصغيرة، لها ثلاثة مندوبين (3) فقط، وما عدا ولايتين فقط، من الولايات الخمسين، هما ولاية نبراسكا، وولاية مين، فإن المرشح الرئاسي الذي يكسب غالبية الأصوات الشعبية للولاية، يحصل على كامل عدد مندوبيها، وبصيغة أخرى، فإن المرشح الذي يخسر في إحدى الولايات، ولو بصوت شعبي واحد، يخرج من هذه الولاية صفر اليدين!.
هناك ولايات محسومة سلفا بشكل شبه قاطع، أي الولايات الديمقراطية الزرقاء، والجمهورية الحمراء، فولايات كاليفورنيا، ونيويورك الهامتين، يعتبر أمرهما محسوما لهيلاري، وعدد مندوبي هاتين الولايتين كبير، وكذلك ولايات الينويز، ونيومكسيكو، وواشنطن، أما ولايات الجنوب، فهي ولايات جمهورية حمراء، وشبه محسومة لترمب، مثل ولايات الاباما، وميسيسيبي، وكنتاكي، واوكلاهوما، ولويزيانا، وبالتالي تكون الأهمية الكبرى للولايات المتأرجحة، وأهمها فلوريدا وأوهايو، ففي أوهايو يتقدم ترمب، أما في فلوريدا، فترمب وهيلاري متقاربان، لدرجة يصعب معها التنبؤ، وفي حال حافظت هيلاري على الولايات التي في حوزتها الآن، فهي الفائزة، رغم كل الزخم الذي حصل عليه ترمب مؤخراً، أما طريق ترمب، للحصول على الرقم السري والفوز فهو أصعب، إذ يلزمه الفوز في ولايتي فلوريدا وأوهايو، إضافة إلى واحدة من الولايات الديمقراطية الثلاث، والتي يفترض أنها في حوزة هيلاري، وأعني هنا ولايات ميتشجن وبنسلفانيا ووسكانسون، فلنتابع غدا، لنعرف من هو سيد العالم الجديد!