خالد بن حمد المالك
عندما تتحول منطقتنا إلى منطقة صراع نفوذ بين الدول، فلا نسمع إلا قرع طبول الحرب، ومتابعة أخبار المشاهد المروعة لقتال دامٍ وقودُه نحن وأرضنا، كما هو في العراق وسوريا وليبيا، ومحاولات لإدخال اليمن ضمن هذه المؤامرة الخطيرة، فنحن إذاً أمام حالة لا يستعصي على العقلاء فهمها، أو عجز في إيجاد حلول لها.
* *
هنا يأتي التساؤل عن دور العملاء من العرب أنفسهم في الارتهان للعدو، وخدمته وقبول إملاءاته، على حساب مصالح هذه الأمة، دون وعي بالآتي، أو تفكير بالمستقبل، أو محاولة للفهم وتفسير للأهداف المخبأة التي لم يحسن هؤلاء استيعابها، في ظل الارتماء في أحضان العدو.
* *
بعضنا - دولاً ومنظمات وأفراداً - هم من أهدر مصالحنا، وضيّع حقوقنا وفرص انطلاقتنا نحو الأفضل، وأساء إلى مكانتنا وسمعتنا بين دول العالم، فأعطى الإشارة لمن يغزو دولنا، ويتدخل في شؤونها، ويجعل من أراضينا ساحات مستباحة، ومساحات متاحة ليفعل بها وبنا ما يفعل، مستغلاً خلافاتنا، وتباعد وجهات النظر فيما بيننا، دون وعي منا، أو شعور بالمسؤولية.
* *
يبدو أننا غائبون، أو مغيَّبون، من معرفة حقيقة أن التاريخ لن يرحمنا، وأن ما يفعله بعضنا الآن هو صفحات سوداء في حق دولنا وأمتنا وأنفسنا، بسبب أن بعض من يتصدر المشهدَ والقيادة ليسوا الحكماءُ والعقلاءُ منا، وإنما من استولوا على القرار، ممن ليسوا مؤهلين أو أهلاً لذلك، كما هي بعض قيادات دولنا العربية التي تئنُّ من الفوضى والضياع، ولا تحسن أخذ القرارات الصحيحة.
* *
هي وحدها دول مجلس التعاون العربي التي حافظت على استقلالية القرار، ومنعت غيرها من التدخل في شؤونها، وتمتعت بقيادات همُّها خدمة شعوبها، بأسلوب إداري ساعدها على تحقيق التطور السريع في كل مفاصل دولها، وبإمكانات عسكرية منعت الإخلال بالأمن الداخلي، وتمكنت من حماية حدودها من التحرشات العدوانية.
* *
وفي تجربة دول مجلس التعاون، هناك دروس وعبر، لو أحسن الآخرون محاكاتها لما وصل الحال بهم إلى ما وصلوا إليه، ولكانت دولهم في مأمن من التدخل الإيراني وغير الإيراني في شؤونها، فضلاً عن توجيه إمكاناتها إلى برامج للتنمية والتطوير، بدلاً من الحروب وما أسفر عنها من قتلى وجرحى ودمار شامل.
* *
أريد أن أقول: لا زال هناك متسع من الوقت للتفكير، واستعادة الوعي، والشعور بالمسؤولية، والعمل بضمير حي ومخلص، والتراجع عن المواقف المشبوهة، وإلا فإن القادم سيكون أسوأ، والمستقبل ينذر بما هو أخطر، في ظل ما يحدث الآن من جرائم لا تخدم دولنا ولا شعوبنا، فهل من عاقل؟!.