د.علي القرني
كتبت هذا المقال في الليلة التي سبقت الإنتخابات الرئاسية الأمريكية (الاثنين الماضي) نظرا لترتيبات النشر بالصحيفة، وكنت أتمنى لو كنت أكتبه بعد انتهاء يوم الانتخابات (اليوم التالي)، ولكن ظروف النشر حتمت النشر قبل انتهاء استطلاعات الخروج exit poll وموضوع هذا المقال عن هذا النوع من الاستطلاعات الشهيرة التي تأتي في يوم الانتخابات وتقوم مؤسسات استطلاعات الرأي بسؤال الناخبين عند خروجهم من مقرات الاقتراع عن مرشحهم أو مرشحيهم الذين تم التصويت لهم.
وأثبتت هذه الاستطلاعات نجاحها في معظم الاستطلاعات أيا كانت رئاسية أو تشريعية أو غيرها من التصويت الجماهيري على قضية أو موضوع أو أشخاص، مع بعض الاستثناءات المخجلة. وهناك أكثر من شخص يدعي أنه هو من ابتدع هذا النوع من الاستطلاعات، ولكن الاتفاق أنها بدأت أولا عام 1967م أما في انتخابات تشريعية في هولندا كما يزعم مارسيل فان دام وهو عالم سيسيولوجي اشتغل بالسياسة ووصل لمنصب وزراي (الإسكان والتخطيط)، وذكر أنه أول من استخدم هذا النوع من الاستطلاعات في فبراير 1967م، ولكن توجد شخصية أمريكية ادعت أنها أول من استخدم هذا النوع من الاستطلاعات في نوفمبر من نفس العام في استطلاعات أجراها وارن ميتوفيسكي بالتعاون مع شبكة cbs الأمريكية، وهناك من يرى أن هذا المصطلح exit poll كان موجودا في الأربعينيات من القرن الماضي في انتخابات بولاية كولورادو.
والمنهجية التي تعتمد عليها هذه الاستطلاعات هي اختيار عينة من محطات الاقتراع التي تعكس تمثيلا ديموغرافيا للسكان الناخبين، ثم يتم اختيار فترات زمنية لكل محظة على مدى اليوم لسؤال المقترعين عن الأشخاص أو الشخص الذي قام بالتصويت له أو لهم، حيث يتم الاقتراع عادة على حزمة من الأسماء في انتخابات رئاسية وتشريعية وعلى مستوى الولاية وعلى المستوى المحلي. وتجمع هذه النتائج ويتم بموجبها تحديد الفائز في الانتخابات. ويمكن أن تعلن مؤسسات استطلاع الراي العام عن نتائج الانتخابات قبل انتهاء الاقتراع العام في الدولة.
وكانت بعض شبكات التلفزة الأمريكية تعلن الفائز في الانتخابات الرئاسية قبل إقفال محطات الاقتراع في الولايات الغربية الأمريكية، مما ينعكس في حالة احباط لدى المقترعين في تلك الولايات بسبب فارق التوقيت بعد علمهم بالفائز قبل أن يذهبوا للتصويت، ويؤدي إلى تراجع الناخبين عن الإدلاء بأصواتهم. وبناء على هذه المشكلة الكبيرة التي أثرت على سير الانتخابات الأمريكية اتفقت شبكات التلفزة الأمريكية ومؤسسات الاستطلاع على حجب معلومة الفائز حتى انتهاء آخر دقيقة من وقت الاقتراع في كل الولايات المتحدة وخاصة في ولايات الساحل الغربي.
وتتم استطلاعات الخروج في عدد من البلدان مثل المملكة المتحدة واستراليا وغيرها من الدول، ونظرا للخوف من تأثيرها على عمليات التصويت فقد حظرتها عدد من البلدان مثل سنغافورة وبلغاريا والهند. وحاليا وكما هو متبع يمكن أن تعلن شبكات التلفزة الأمريكية عن نتائج هذه الاستطلاعات على مستوى الولاية الواحدة بعد انتهاء وقت الاقتراع الذي عادة يكون الساعة الثامنة مساء، ولكن استطلاع الفائز النهائي لا يتم إلى بعد انتهاء وقت الاقتراع في عموم الولايات المتحدة باستثناء هاواي، حيث تتأخر كثيرا في توقيتها، كما أنها لا تؤثر في نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وأخيرا هناك نوع آخر من الاستطلاعات يسمى باستطلاعات «الدخول» entrance poll يتم قبيل دخول المقترعين إلى محطة الاقتراع وسؤالهم عن من هو المرشح أو المرشحين الذين ينوون ترشيحهم.. وكلا النوعين موجود باستطلاعات الانتخابات الإمريكية، ولكن الشهرة هي لاستطلاعات «الخروج» فهي أكثر دقة لأنها تسأل عن المرشحين الذين تم التصويت لهم فعلا.