سامى اليوسف
الحوار لغة الشعوب المتحضّرة، وفي رأيي اعتبره المرآة التي تعكس قيم ومستوى تعليم وثقافة المجتمع، واذهب إلى أبعد من ذلك إلى وصفه بـ المعيار الصادق الذي يجعلنا نحكم أو نصنف أي مجتمع إن كان محترماً، أو العكس.
في السابق، كان الصحافي الرياضي يعتز بوصفه، ويجاهر بانتمائه لبلاط صاحبة الجلالة، تحول هذا الاعتزاز، مع تكاثر الدخلاء على مهنة المتاعب، إلى حسرة. الدخلاء هنا هم ثلة من المشجعين، والسماسرة، والمرتزقة الذين أساءوا للمهنة، وأخلاقيتها، ولم يجدوا من يردعهم بسبب الرعاة لهم، والذين أقحموهم عنوة للتطبيل، وإبعاد المهنيين، حتى انقلبت المفاهيم إلى حد أن تطرد العملة الرديئة سابقتها الجيدة.
الناظر إلى المشهد الرياضي المحلي بحواسه الخمس عليه أن يحترس بالكمامات لأن رائحة كريهة ستؤذيه، أو أن يضع سدادات على أذنيه لأن التلوث السمعي سيطاله بسبب الضوضاء، فالشتائم، والدخول في الذمم والنوايا، والتشكيك في السلوك والأخلاق والوطنية والدين وحتى اختراق خصوصيات الآخر، والتعرض لأسرته وتفاصيلها بات شائعاً، بل إن قضية «التوثيق» جعلت مذيعاً لأحد البرامج «سبق أن عزز لمتعاطي المنشطات» يدعو للانقلاب على المنتخب، وضيفه يتشنج إلى حد دعوة الأندية على التمرد والاحتجاج بعدم إكمال الدوري في سابقة خطيرة!
وشخصياً أتوقّع المزيد من هذا الانفلات طالما أن القيم تم تمييعها، والقدوات تم تغييبها، وفي ظل غياب متابعة ورقابة الجهات المسؤولة عن الصحف والبرامج الصفراء، وغياب القرار الحازم لردع المتجاوزين للخطوط الحمراء من زارعي بذور الكراهية، ومورثي الأحقاد.
لكن قبل أن نوجد، ونعزّز الحوار وقيمته في مجتمعنا الرياضي، يجب علينا أن نخلق البيئة الصحية لولادة حوار ناجح. هذا الأمر يجب أن تتصدى له المرجعيات الإعلامية الممثلة بالمؤسسات الصحافية، وتفعيل دور هيئة الصحفيين، والجهات الرقابية المسؤولة، كما على المتضررين ممن يطالهم أذى المنفلتين عبر البرامج، والسوشال ميديا، عدم التنازل عن حقوقهم، وهنا أشيد مجددًا بحزم إدارة نادي الهلال وموقفها الثابت من قضية «الشم» الشهيرة وراعيها، فالقانون يجب أن يُطبّق.
من وجهة نظري، أن خلق بيئة ناجحة للحوار الرياضي يرتكز على 4 قواعد أساسية:
> توفير العدالة، تحقيق الشفافية من المؤسسة الرياضية في بطولاتها وأنشطتها وقرارتها، ومراعاة اختيار العاملين في اللجان ورؤسائها بعناية ومسؤولية وفق معايير التأهيل وليس الميول وروابط القرابة والصداقة منعاً لزرع التبعية واتحادات الظل.
> فلترة الإعلاميين وتطوير مهاراتهم وتقنين الداخلين لمهنة المتاعب وفق معايير وشروط محكمة أهمهما التخصص والتأهيل العلمي والموهبة، وهذه مسؤولية المؤسسات الإعلامية يجب أن تعزّز الاحترافية والانضباطية والمسؤولية الاجتماعية لأفرادها.
> الجهات الحكومية المسؤولة ذات العلاقة مع ما يطرح في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي يجب أن تتفاعل بسرعة وحزم ومرونة أكبر في تسريع الإجراءات التي تحاصر المنفلتين فضائياً وتويترياً حال توفر الشكاوي الرسمية من المتضررين.
> على كل من يتضرر ويطاله اتهام أو تشكيك أن يبادر إلى اتخاذ موقف واضح لا تردد فيه، فالتقاضي أسلوب حضاري يعني أنك تعرف حقوقك جيدًا «مالك .. وما عليك».
ختاماً، أن خلق بيئة الحوار الناجحة هي الأرض الخصبة للتطور، والإنجازات، والعنوان الأبرز الذي يعكس حضاريتنا، وتمسكنا بالقيم الأساسية لديننا الحنيف. ومجتمعنا المحترم.
أخيرًا،،،
النور «نورك.. يا وطن».
شكرًا من القلب لرجال سنابس الأوفياء: الإنجاز للنور والمجد للوطن.