د.محمد بن سعد الشويعر
التيارات الفكرية هي مفهوم تفكيري «فكرة» ويأتي بعدها المفهوم التحزبي التنظيمي والذي يتعدى مفهوم الحقيقة ويشمل مجال الأفكار والنظريات فهو باب مختلف الأوجه، فهناك من يعتقد أنه صواب والآخر خطأ، فهو اختلاف لمفاهيم أغلب الناس.
ويعلم القارئ الكريم أن هناك حملات شرسة مسعورة على الإسلام والمسلمين، وعلى بلدنا خاصة «المملكة العربية السعودية» حماها الله، اشتدت سواعدها بالإطاحة بما شرعه الله وسنه رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، ونشر فكرهم الهدام، ولكن أبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون.
التيارات الفكرية متنوعة، ومنتشرة في أصقاع الأرض؛ فهي الطوفان العارم، وكلٌ له فكره وعقيدته، وما يدعو إليه من مبادئ، ووجهات نظر وتوجيهات.. وهذه الأفكار تتنوع بحسب الاتجاه، الذي ينزع إليه الداعون؛ ولهذا لم تعط هذه التيارات والأفكار حقها من العناية وما لها من الصراع.
ولعل أهم تلك التيارات ما يرتبط بالعقيدة، وما يمس الدين الإسلامي.. وخاصة لدى أبناء المسلمين الذين درسوا في بلاد الشرق والغرب، والذين يحرص مدرسوهم على شحن أذهانهم بأفكار تشكك في قدرة الإسلام وتشريعاته، على مواكبة التقدم العلمي والتكنولوجي، وأن خصائص النمو الاقتصادي لا تتلاءم مع الفكر الإسلامي، وأن السياسة والحكم، وما ينجم عن ذلك من أسس ينتظم بها المجتمع، وتساس بها الرعية، وتكافح بها الجريمة، يجب أن تكون بعيدة عن نظرة الإسلام وقيوده، التي تتسم بالقسوة فيما فرض من حدود، وما يطبق على الجاني من عقوبات كقطع يد السارق، ورجم الزاني المحصن، وإتلاف كل ما حرم في الإسلام، وهو مال أو عرض يمكن الاستفادة منه.. إلى غير ذلك من أمور يتأثر بها بعض الشباب، أو تفرض على عقل الشّاب في تعليمه، أو بوسائل الإعلام المختلفة قبل أن يحصن نفسه بما يعينه على مجابهة الموقف والتصدي لمثل هذه التيارات، وذلك بعدم فهمهم بأن هناك فرقاً في الحضارة الحقيقية والحضارة الخادعة.
وأخطر من ذلك أن يحملها شباب المسلمين لديارهم ليقنعوا بها غيرهم.. فكراً مقلّداً، أو ينشروها بين أقرانهم كشيء جديد وافد ليرفع المجتمع، ويعلي مكانة الأمة، وليبث ذلك كله منسوخاً من البيئة المصدرة، كأي بضاعة ذات نفع في شؤون الحياة.
ولهذا أدت الانحرافات من التيارات الفكرية إلى تفشي الضعف في الأمة وفي مختلف قضاياها بعد أن دكت معاقلهم واقتحمت حصونهم فكان الانبهار من التسلل بدخولهم في مسلسل الحضارة الغربية والتشكيك بالإسلام ومعطياته، فكان الجمود هو السبب الرئيسي في الغزو الفكري للتيارات المنحرفة.
فإنه يجب على المهتمين بأمور الشباب، أن يسلحوهم بما يعينهم على فهم الحقيقة، وإدراك كمال الإسلام، وشمول تعاليمه لما يصلح أحوال الناس في معاشهم ومعادهم، إلى الإدراك المتكامل، لما في الإسلام من حل لجميع القضايا المطروحة.
إذ قصور البعض عن تخطي العقبات المجسّمة، لم يكن من نقص في تعاليم الإسلام.. ولكنه قصور في المعرفة، وضعف في التطبيق.. ذلك أن هدف الإسلام النزوع إلى الحق، والإرشاد إلى الطرق المؤدية إليه فانتبه أخي لا يسرق عقلك أحد، فهذا ضعف في عقيدة الولاء والبراء.
فقليل من علماء المسلمين لهم مكانة بارزة بمساهمات في تصحيح المفاهيم العقدية والفكرية، وانصرف الأكثر إلى حلقات العلم والتدريس يظنون بأنهم أدوا الأمانة التي بعاتقهم وأخلوا أنفسهم من المسؤولية.
وللحديث بقية إن شاء الله.