أبها - عبدالله الهاجري:
صدرت دراسة عن معهد البحوث والدراسات الاستشارية بجامعة الملك خالد، بعنوان (مستجدات الصلح في القتل العمد.. الواقع والمشروعية). وقد زودت الجامعة بعض الجهات الحكومية ذات العلاقة بهذه الدراسة للاستفادة منها، كمقام وزارة الداخلية، ووزارة العدل، والمحكمة العليا، وهيئة التحقيق والادعاء العام، وجميع إمارات المناطق، ولجان الإصلاح التابعة لها. وحظيت الدراسة بأصداء واسعة لدى المهتمين بهذا الموضوع. وتهدف الدراسة إلى معالجة واقع الصلح في القتل العمد معالجة موضوعية، ومساعدة أهل الحل والعقد، ومن بيده القرار، على اتخاذ القرار المناسب المبني على دراسة علمية موضوعية شاملة، وأيضًا تسعى إلى تنمية الوعي المجتمعي بالصلح الشرعي السليم من الأهواء وحظوظ النفس والمزايدات، وإثراء المكتبة الفقهية بدراسة علمية رصينة.
وتناولت الدراسة مباحث عدة، من ضمنها إلزام القبيلة بدفع ما صولح عليه من المال، مهما بلغ، وكذلك مبحث إلزام القبيلة بإنشاء صندوق مالي لدفع المال في الديات في القتل العمد أو في الصلح فيه، وأيضًا مبحث اشتراط أولياء الدم نفي القاتل وذريته من بلدهم، وقطعهم من قبيلتهم، وكذلك اشتراط تنازل القاتل وورثته عن أملاكهم من أرض، ودور هذا الشرط. وناقشت مبحث الصلح على تزويج ولي الدم امرأة من ذوي المقتول، وقد توسعت الدراسة في تفصيل هذه المسألة، لارتباطها بمسائل أخرى من أحكام النكاح، وقررت عدم صحة هذا الشرط، لا على قواعد المذاهب الأربعة، ولا على فقه الظاهرية، وبيّنت آثاره ومضارة على مستوى الفرد والمجتمع. بينما تناول المبحث الأخير اشتراط الحبس المؤبد. وأوضحت الدراسة معنى الحبس ومشروعيته، وبيّنت أن هذا الشرط لا يخلو من آثار نافعة وأخرى ضارة، وقررت أن منافعه ترجح على مضاره لأسباب عدة، بينتها بالتفصيل.
يُذكر أن الدراسة اختتمت بتوصيات عدة، من أهمها العناية بدراسة المستجدات الفقهية، وتكثيف توعية المجتمع بوجوب حقن الدماء، وتشكيل لجان من قِبل الجهات المختصة لتولي السعي بالصلح في القتل العمد، والنظر في المغالاة الواقعة اليوم في الأموال التي تبذل في الصلح في القتل العمد، وإنشاء مراكز بحثية متخصصة للعناية برصد ودراسة الظواهر الاجتماعية بجميع أنواعها.