د. عبدالواحد الحميد
نتذكر كلنا أن «دونالد ترامب» كان مجرد «نكتة» في بدايات السباق الرئاسي الأمريكي، فلم يتوقع أحد أن يتغلب هذا الرجل على المتنافسين الكُثُر المنتمين إلى الحزبين العريقين في الولايات المتحدة، لكنه فاز بالرغم من نتائج استطلاعات الرأي العام التي لم تكن في صالحه، وبالرغم من الموقف غير الودي تجاهه من قِبَل الصحافة ووسائل الإعلام وحتى من قبل القيادات المهمة داخل حزبه الجمهوري.
جاء ترامب إلى سدة الحكم في أقوى دولة بالعالم، ولم يأت نتيجة انقلاب عسكري كما يحدث في البلدان المتخلفة وإنما جاء بالانتخاب من الشعب وفق آلية الانتخاب المتبعة في الولايات المتحدة، ومن ثم فهو يعكس إرادة الشعب حتى لو كانت النتيجة لا تعجب العديد من زعماء وقادة الرأي في العالم.
ما يهمنا في هذا الجزء من العالم الذي تقع فيه بلادنا ووطنا العربي هو ما يحمله لنا ترامب في جعبته من السياسات والخطط التي سوف تؤثر على حياتنا، وهي خطط وسياسات تبدو ذات نبرة عدائية ولكنها ضبابية وغير واضحة.
هناك من أحزنته هزيمة هيلاري كلينتون وفوز دونالد ترامب، لكن الحقيقة التي أثبتتها تجارب العالم العربي مع الانتخابات الأمريكية أن المواقف الأساسية الجوهرية للولايات المتحدة راسخة إلى حد كبير وتحكمها المصالح الأمريكية بصرف النظر عمَّن يفوز في الانتخابات، لأن أمريكا دولة مؤسسات وليست «جمهورية موز» هامشية تُحْكَم بالمزاج.
لقد اكتشفنا أن فرحتنا بفوز باراك أوباما قبل ثمانية أعوام كانت ساذجة وطفولية، وأن أوباما مثل غيره من رؤساء أمريكا يحكم وفق دستور ومؤسسات وثوابت أمريكية، وقد أكمل أوباما ما قام به أسلافه من تمزيق لمنطقتنا العربية حتى وصلنا إلى الحضيض ونسينا تماماً قضية فلسطين بسبب أكثر من فلسطين جديدة بزغت على الخارطة العربية!
نعم تصريحات ترامب مخيفة، ومواقفه المعلنة من العرب والمسلمين تجاوزت كل ما سمعناه من قادة أمريكا السابقين، وهو إنسان عنصري حتى بمقاييس بلاده، ولكن هل يعني ذلك أن هيلاري كلينتون ستكون أفضل منه لو أنها فازت في الانتخابات؟
أمريكا دولة مؤسسات، والدور الذي يلعبه الرئيس مهم للغاية ولكن في إطار العمل المؤسساتي وليس وفق المزاجيات الفردية، وعلى الذين يذرفون الدموع بسبب خسارة هيلاري كلينتون أن يوفروا دموعهم لأن أمريكا هي أمريكا سواء فاز ترامب أم فازت هيلاري كلينتون وقد رأينا ما فعله باراك حسين أوباما بمنطقتنا!