ناصر الصِرامي
قد نتحدث مطولاً عن ما حلَّ بالعالم العربي والإسلامي، خلال فترة أوباما الرئاسية، طبعا الرئيس الأمريكي ليس المسئول عن أقدارنا، لكن ذلك الرئيس تحديدا، ليس بريء منها أيضا!.
يأتي الرئيس الأمريكي كالعادة ببرنامج انتخابي، وحملة يعمل فيها على جذب الأصوات التي يمكن أن تمكنه من الفوز مهما بلغت الإثارة والغرابة وأساليب الاستقطاب لنيل أكبر قدر من أصوات الناخبين.
لكن التاريخ يؤكد دائما أن كل الاحتمالات مفتوحة، حين يصل أي رئيس للمكتب البيضاوي لإدارة العالم، سواء كان على ظهر فيل أو حمار!.
الرئيس الأربعون للولايات المتحدة، الديمقراطي رونالد ريغان، والذي كان يعمل بمجال التمثيل، حقق بالفعل مفاجآت عدة، وأسهم بالكثير من الإنجازات سياسيا واقتصاديا، حفر اسمه كأبرز الرؤساء الأمريكيين في ذاكرة التاريخ، لكنه فقد ذاكرته الخاصة بعد أن أصيب بالزهايمر!.
الجمهوري جورج بوش، الرئيس الثالث والأربعون، بعد انتخابات جدلية أتت نتيجتها متقاربة مع منافسه الديمقراطي آل غور، لم يمضِ وقت طويل على دخوله البيت الأبيض، حتى تسببت أحداث في صرف انتباهه عن أجندته، وانتباه العالم أيضا، فقد زلزلت أحداث 11/9 الكون وتغير كل شيء..إلى غير رجعه!.
الرئيس الأشهر كنيدي وعد الأمريكيين بالقمر، لكنه اغتيل، ولم يتح له الاستمتاع أكثر برؤية أمته وهي تسبح في الفضاء.
الحقيقة الآن، إن دونالد ترامب الرئيس الخامس والأربعون، ومهما شاهدت الجدل وحتى المظاهرات، لكن تذكر إن احترام الديمقراطية واختيار أغلبية الشعب هي الحد الفاصل.
اليوم كذلك ستجد عشرات المقالات والأبحاث الأولية حتى الآن في أروقة الاتصال المتطورة، وخبراء الإعلام، في محاولة للفهم، كيف تفوقت حملة ترامب وحققت النصر عكس التوقعات والأمنيات والاستطلاعات، ومكائن الإعلام الضخمة، وكيف استفاد من ذاكرة الناخب اللحظية وإحباطاته، وعنصريته أيضا، والنفاذ للذاكرة السطحية التي يمكنها أن تستقبل وتتخذ القرار وتحذف الإجراءات قبل أن تعود لاتخاذ موقف جديد، حملة ترامب المثيرة والمتضاربة كانت من هذا النوع!، وهو أمر سيستمر لوقت ليس بالقصير. إنها حالة تستحق الدراسة في مجالات العلاقات العامة والاتصال، لكن يبقى هو الرئيس الجديد لأربع سنوات تالية.
أمام رجل الأعمال الذي ناور مستقلا، وخاصم الإعلام، وأسقط منافسيه، وأزاحهم عن طريقه، أمامه فوضى خارجية، ملف الحرب الطائفية المكتملة الأركان في المنطقة، والإرهاب والإرهاب المضاد، والملف الإيراني واتفاق أوباما الأخير الذي يرفضه الرئيس المنتخب جملة وتفصيلا.
ثم قانون العدالة ضد الإرهاب الأخطر (جاستا) الذي لم يرفع أوباما الفيتو الرئاسي ضده بشكل فعلي وصادق كما وعد، كما كانت تماما حالة وشخصية ومراوغة أوباما!.
حسنا من حجم القضايا التي ستواجهها واشنطن من أدغال آسيا إلى أقصى غابات الأمازون. هل العالم قادر على مواجهة أمريكا قضائيا.. بالطبع لا.. لكن أمامنا المزيد من الصداع السياسي المنتظر.. والمفاجآت غير السارة أيضا!
فالرئيس الجديد سينسف تماماً ما تبقى من ذكرى قد تعد إنجازاً لأوباما، نظامه الصحي -داخليا- الذي وعد ترامب بنسفه، والاتفاق النووي مع إيران، الذي وعد دونالد بتمزيقه، وإنهاء داعش الذي ساهم أوباما وكلينتون في تأسيسه كما يؤكد الرئيس المنتخب.
والبندان الأخيران هما الأهم في برنامج رجل الأعمال، والذي يسعده شراؤنا للألعاب التي ينتجها. وكما قال الوزير عادل الجبير معلقاً لـ (سي إن إن): لديه منتجات مقبولة!.