يوسف المحيميد
كثيرًا ما تتعرض المواهب إلى استغلال وتضليل في البدايات، ويزداد الأمر سوءًا لدى الفنانين والفنانات التشكيليات، خاصة مع تزايد الأسماء في السنوات الأخيرة. ولعل جولة سريعة في مواقع التواصل الاجتماعي تكشف أن جميع الفتيات أصبحن فنانات، ولديهن رغبة عارمة في النجومية، واستعجال في المشاركة في المعارض التشكيلية ببضع لوحات عادية وبسيطة، تحت توقيع الفنانة الشابة فلانة!
هذا الأمر أفرز فئة تجار الفن، أو بمعنى آخر فئة مستغلي حاجة هؤلاء المبتدئين والمبتدئات للظهور، وتقديم أعمالهم للمتابعين؛ ليقوموا باستئجار صالات عرض، وتقسيمها إلى أجنحة صغيرة، ثم تأجير هذه الأجنحة للفنانات والفنانين المبتدئين، والمصممين والمصممات، ومنتجي الأعمال الحرفية، بمبالغ تزيد أحيانًا على أربعة آلاف ريال للجناح الواحد. ولا يكتفي هؤلاء التجار برسوم الأجنحة، وإنما يقومون بفرض تذاكر لدخول المهتمين، تصل إلى خمسين ريالاً، هدفها المعلن جعل المعرض يقتصر على زوار مهتمين بالفنون، أما غير المعلن فهو المزيد من الكسب المضاعف، سواء من الفنان المغلوب على أمره، أو من المتذوق والباحث عن الجديد في الفنون، وهم في الغالب الأسر وفئة الشباب من الجنسين.
أعتقد أن على من يرغب من المستثمرين بدعم الفن وخدمته أن ينظّم مثل هذه المعارض التي تعنى بالموهوبين والموهوبات في مجالات الفن والتصميم والحرف، وتخصص لها أجنحة مجانية، بل يحصل هؤلاء تشجيعًا لهم على ريع أعمالهم كاملة دونما اقتطاع نسبة المنظم، بينما يحقق هذا المستثمر أرباحه من اتفاقه مع الشركات والبنوك الراعية، التي تدفع قيمة الرعاية، وتحصل على الدعاية والإعلانات، سواء في أنحاء المعرض، أو على غلاف الكتيب والمنشورات الخاصة به، والأخبار والإعلانات المنشورة عنه في الصحف والقنوات. وبهذه الطريقة نقدم الفنانين والفنانات الموهوبات للمجتمع بطريقة محترمة، ونحافظ على مصداقية الساحة الفنية، ونحميها من الفوضى؛ فلا تصعد أسماء لا تستحق، ولا تضيع أسماء أخرى مهمة، خاصة في أوضاعنا، التي يكاد ينعدم فيها وجود الناقد الفني المتمكن، من يكتب نقدًا تطبيقيًّا عميقًا متكئًا على مرجعية أكاديمية وذائقة فنية عالية؛ ما جعل حالتنا الفنية: (سمك لبن تمر هندي).