أ.د.سليمان بن عبد الله أبا الخيل
فمنذ قامت المملكة العربية السعودية وتوحدت على يد الملك المؤسس العادل الصالح عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -غفر الله له وطيّب ثراه- ومنهج المملكة وثوابتها وديدنها نصرة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتحكيمهما في شؤون الحياة، على منهاج النبوة وسيراً على طريق سلف الأمة وانتهاج الوسطية التي تمثّل الفهم الحقيقي لهذا الدين، وكانت دائماً تؤكد هذا النهج وهذه الحقائق الناصعة والبراهين الساطعة والأسس المتينة وتجعل من أهم مسؤولياتها ما يخدم هذين الأصلين، والمنبعين الصافيين، ويعيد المسلمين إليهما، فقيادتنا - أيدهم الله - سعوا ويسعون بكل ما أوتوا من قوة للتأكيد على تمسكها بالشرع المطهر والدفاع عن الإسلام والمسلمين، تنشر الإسلام بصورته الصافية ومن منابعه الصافية، وتجعل من ذلك أولوية قصوى ومن هنا فلا غرابة أن يسعى أعداء هذا الدين إلى استهدافها ومحاولة النيل منها، فهي حصن الإسلام الحصين ومأرز الشريعة والدين، ومهاجر سيد المرسلين، ومتنزل الوحيين، ومنار الشريعة والعقيدة وحصنها الحصين، هي درة في سماء الصفاء والنقاء، وقلب العالم ومهوى الأفئدة ومتطلع المسلمين وقبلتهم ومهوى أفئدتهم، والناصرة لقضاياهم والمعينة لكل مسلم على ظهر البسيطة، وداعية الحق وناصرة العدل وحاملة لواء التعايش والتسامح، هي في نظامها وحكمها وتعاملاتها وأحوالها وتحولاتها لا تخرج عن الوحيين الصافيين، ومن هنا وجهت لها السهام، واستهدفت من فئام مختلفة وواجهت تحديات كبرى، وتوالت تلك الجهود في منظومة من الأعمال التي تروم خلخلة وحدتها وأمنها وأمانها واستقرارها فنرى هذه الهجمة الشرسة، والحملات المشؤمة، التي تسعى للنيل منها، عبر الابتزاز السياسي والاقتصادي والأمني، لا سيما مع هذه المواقف الشجاعة التي اتخذتها المملكة العربية السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين ملك الحزم والعزم والحكمة والحنكة والشجاعة والبطولة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - التي سيخلدها التاريخ، وتبقى صحائف من نور تشهد بجهود الرجال وعقول الأفذاذ من الأبطال وتتذكرها الأجيال بما حملت من روح إسلامية وشهامة عربية، في الوقوف مع الأشقاء، والدفاع عن الأبرياء ونصرة المظلوم وإغاثة المستضعفين في عاصفة الحزم التي أعادت الروح للأمة وبثت فيها قيم العزة والكرامة، وإعادة الأمل التي جمعت بين مواقف العزة والحكمة والإنسانية وفي مشاهد تحكي قوة استثنائية وقلاً إقليمياً وعالمياً تم من خلاله توحيد الصف ورأب الصدع وجمع كلمة المسلمين عبر التحالف الإسلامي الذي قدمت المملكة العربية السعودية من خلاله أنموذجًا حيًا واضحًا وملموسًا يستفاد منه في توحيد الصف الإسلامي والدول العربية في مواجهة قوى الشر وأهله، وعلى رأسها الطائفية البغيضة التي يؤججها ويقف وراءها من يزايدون بالشعارات وينفذون الأجندات ويطعنون الأمة الإسلامية في مقتل وهم من يغذي الإرهاب وجماعات الغلو والتكفير والتفجير.
إن هذه المواقف الشجاعة وغيرها من الملك الموفق والقائد الشجاع خادم الحرمين الشريفين، تعكس شخصية فذّة تمتلك حسًّا إنسانيًا رفيعًا، وحكمةً بلغت غايتها، وروحًا إسلامية عالية، وهمًا تجاه أمة الإسلام. إنه - أيده الله - من خلال هذه المواقف يشير إلى حقيقة أصيلة في سياسة هذه الدولة المباركة وفي تعامله - أيده الله - مع هموم المسلمين ومشكلاتهم، فهو يعيش مآسي المسلمين وقضاياهم، ويشعر تجاهها بمشاعر المسلم أولاً ثم بمشاعر القائد الذي مكنه الله من التأثير في قادة العالم لينطلق من هذا الوسط إلى أفق بعيد تتعلق به آمال الشعوب الإنسانية لتتجنب الصراعات والعنف والدموية، وتتجاوز المشكلات الداخلية والخارجية، وتحبط كيد أعداء الإسلام والمسلمين، وتتم به مقاصد الإسلام في هذه الأمة العظيمة التي هي: خَيْرُ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ . إننا ونحن نراقب هذه الأحداث الجسام، والتحديات العظام والاستهداف المعلن والمبطن نقرؤه على ضوء سَنَن الله الجارية ووعده الحق وحكمته البالغة التي تظهر مواطن الابتلاء وسر القدر وقدرة البارئ جل وعلا الذي قضت سنته الماضية أن ينصر أولياءه ويرفع شأنهم ويمكر لهم ويبتليهم ليرفع درجتهم وليكون ذلك درساً في التوبة والأوبة الصادقة ولنستشرف من خلال كل ذلك مستقبلاً واعدًا مليئًا بالتفاؤل، ونرى فيه أبعادًا مهمة، أهمها مسؤوليتنا جميعا ًفي التكاتف والتعاضد والتعاون وتجسيد عقيدة أهل السنة والجماعة في الجماعة والإمامة أخذاً بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتن (تلزم جماعة المسلمين وإمامهم) وتعزيزاً لمقومات المواطنة الصالحة والانتماء الصادق للدين والملك والوطن ذلك الانتماء الذي يعد من عناصر الشخصية السوية والفطرة المستقيمة التي ترى في هذا الانتماء شرفاً ومسؤولية تعتمد على مكانة هذه البلاد المباركة، وما حباها الله وخصها به من خصائص وسمات، فقد اختارها الله واصطفاها لتكون قبلة المسلمين، ومتطلع آمالهم، ومهوى أفئدتهم، فهي بهذا الاصطفاء بمثابة القلب للعالم، كيف لا وهي أصل الإسلام، ومهبط الوحي، وبلد أعظم المقدسات، ففيها بيت الله، وقبلة المسلمين، وهي موطن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومهاجره، فيها انطلق الوحي، وبدأت الدعوة المباركة دعوة خاتم الأنبياء والمرسلين، وإمام المتقين، وسيد الأولين والآخرين، من أرسله الله رحمة للعالمين، وحجة على الخلائق أجمعين، مننٌ عظيمة، ومزايا جليلة، لا يمن حصرها، بما يجعل المسلمين جميعًا يتجهون إليها، بل والعالم يتجه إلى حكمة قادتها وحنكتهم ورؤيتهم وسياستهم وتأثيرهم، ولا سيما ونحن نعيش ظروف الوقت، ومتغيرات الأحوال التي تعصف بالمنطقة العربية خصوصًا، والعالم أجمع عموماً، أحداثٌ وفتن ومتغيرات، والتي حمى الله هذه البلاد منها، ولم تزدها دعوات المضلين إلا توحدًا وصمودًا وثباتًا، وقدر الله - ولا راد لقدره - أن تمر بمن حولنا ليكون هذا ابتلاء لهذه البلاد، لتقف وقفاتها المشهودة، وسياساتها الثابتة التي تنبع من مسؤوليتها الإسلامية والعربية، ومن مكانتها التي بوأها الله إياها، وتكون هذه المواقف سببًا في درء كثير من النوازل والمصائب عن أشقائنا في البلاد العربية عمومًا، ودفع المحن والفتن عن وطننا الغالي وهذا لم يكن إلا محض فضل الله، فهو الذي منّ وتفضل وحمى هذا الوطن، وندين الله أن ذلك كان بما ذكرنا من هذه الأصول والأسس التي قامت عليها هذه البلاد.
ومن هنا فإن من دروس المِحنة ومحنة الابتلاء أن نراجع واقعنا ونتأمل مستقبلنا ونتدبر حالنا وتصرفاتنا في ظل هذا الابتلاء، ونجعل من التمسك بالعقيدة الصافية النقية والعبودية الصادقة لله ملجأ وملاذاً نحتمي به ونقوم بواجبنا تجاه هذه العقيدة في تعلمها وتعليمها ونشرها والحدب على الناشئة لينشؤوا عليها ويحصنوا أنفسهم حتى لا يكونوا أدوات لمن يروم وطننا ولحمتنا والواجب يتأكد، وتعظم المسؤولية تجاه البيان والتوعية والتوجيه، والقرب من عالم الشباب على وجه الخصوص لكشف دعاوى المغرضين، ورد شبه المناوئين، الذين يريدون بالوطن ووحدته وولاته سوءًا، ويصدق عليهم قول النبي صلى الله عليه وسلم وهو يذكرنا بالمخرج من فتنهم: «دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها»، والمخرج منهم ومن فتنهم وشرهم بينه الناصح الأمين بقوله: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم»، فما أعظم هذه الإمامة التي أرشدنا إليها رسولنا صلى الله عليه وسلم، وجعلها عاصما من الفتن وتداعياتها وآثارها وتحققت بصورتها المثالية في واقع هذه الدولة المباركة.
لقد أقضّت هذه الملاحم التي سطرتها هذه البلاد المباركة وهذه النجاحات التي تمت بتوفيق الله جل وعلا ثم بحنكة وحكمة ولاة أمرها وتلاحم شعبها وتظافر جهود أبنائها، مضاجع أعداء الأمة، وأبانت خبث نواياهم، وشدة عدائهم للإسلام وأهله، فتوافقت جهودهم واتحد مكرهم على استهدافها ومحاولة النيل منها، فشهدنا التناقض في أوضح صوره والكذب في أقبح أقنعته، فأقرّ قانون جاستا بزعم دعم الإرهاب في ذات الوقت الذي جعلت فيه منظمات الإرهاب وجماعات الغلو والتطرف من المملكة العربية السعودية بلداً تهدده وتستهدف وحدته وشبابه بل وفتياته وكل مظاهر الصلاح فيه ودفعت بلادنا ثمناً باهظاً وقدمت تضحيات كبرى لمواجهة هذا الخطر العظيم والمكر الكبار بما تحكيه لغة الأرقام والإحصاء أفيقال بعد ذلك ما يزعمه من تصدر لعبة هذا القانون المتناقض، لكنه الابتزاز والاستهداف ولعبة المصالح الاقتصادية والسياسية التي لا تقيم للحق وزناً، ولا للمثل والأعراف والمبادئ قيمة.
إنّ هذه التهم الزائفة التي يردها أدنى نظر في الوقائع، وأقل مراجعة لمواقف المملكة وهي التي كانت هدفاً لهذه التنظيمات الحاقدة، وحذرت على لسان قيادتها الحكيمة مبكراً ودائماً من تنامي خطر الإرهاب والتطرف، وآثاره المدمرة على كافة المستويات الإقليمية والدولية، وكانت سبّاقة في حث المجتمع الدولي على التصدي للإرهاب، ووقفت مع جميع الدول في محاربته، والعمل على القضاء عليه واستئصاله من جذوره، ودعت المجتمع الدولي إلى تبنى إستراتيجية دولية شاملة تكفل القضاء على الإرهاب وتصون حياة الأبرياء وتحفظ للدول سيادتها وأمنها واستقرارها، كما أنّ كلمة علماء المملكة العربية السعودية وأهل الحل والعقد فيها كانت واضحة بينة في تحديد مفهوم الإرهاب، وبيان موقف الإسلام منه، وإيضاح الموقف الصريح من المصطلحات الشرعية التي يحاول هؤلاء الخونة أن يستخدموها، ويجندوا بها الشباب، وهو فهم لهذه النصوص والأحكام تلتقي فيه الأمة على كلمة سواء فمن يبرر هذا القتل والدمار؟ ومن يبرر الانتحار وقتل النفس؟ وأين يجد المتأمل لهذا الفساد من يجيز صورة منه فضلاً عن جملته؟ وفي الوقت الذي قامت فيه المملكة بالتصدي لأعداء الوطن والأمة من الحوثيين ومن يساندونهم من الصفويين المجوس، والعمل على إنقاذ اليمن الشقيق من احتلال صفوي بغيض، وتجنيبه ويلات حرب أهلية طاحنة، وما صاحب ذلك من انتفاضة الأمة لنبذ خلافاتها وتوحيد صفوفها لتحقيق الأمن والاستقرار لمجتمعاتها، انتفاضة تجمع الكلمة، وتؤلف القلوب، وتوحد الصف، وتقطع الطريق على المتربصين والمفسدين، وتوجه أقوى الضربات لطائفة بغاة مجرمين يقومون بحرب وكالة عن الصفويين المجوس، ويكون هذا الموقف الحازم الذي حقق العزة، وقلب موازن القوى، وغيّر صورة البغي والظلم، وحقق التصدي بكل قوة وحزم لكل ما يحاك لوطننا الغالي ولأمتنا الإسلامية والعربية من مكائد ومؤامرات ودسائس تفرق الوحدة وتشق الصف، وفي الوقت الذي بات فيه المسلم يرى عزة الإسلام ونصرة المسلمين، تظهر علينا هذه الجماعات مهددة بلاد التوحيد، وداعية أقطاب الإرهاب وجماعات التفجير والخراب للنيل من أمن بلادنا ومقدراتها، ولا غرابة في هذه الجرأة وهذا العداء فقد سبق واعتدوا على مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفجروا في شهر رمضان المبارك، وقتلوا الأبرياء، لكن الله حمى هذه البلاد وأهلها من كيدهم وجعل تدبيرهم تدميراً عليهم ونصر أهل السنة والتوحيد على هؤلاءلخوارج المارقين. لقد كانت المملكة على الدوام هدفاً لعمليات هذه التنظيمات سعياً لشق عصا الطاعة، واستجابة للشياطين الذين يرومون هذا الوطن بهذه الأعمال، جرائم متراكمة، وأعمال إفسادية ينتظمها فعل الخوارج الذين ما زالت الأمة منهم في بلاء وابتلاء، وإذا كان قتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا وهدم الكعبة مع مكانتها وقدسيتها، فكيف بهذه الأفعال! من هنا يتضح أن خطورة هذه التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم (داعش) الإرهابي المتطرف ليس فقط فيما يسفكه من دماء بريئة معصومة، ولكن الخطورة الحقيقية لهذه التنظيمات المتطرفة تكمن في أنه أصبح لديها القدرة على التلون، وتلقي الدعم الخفي والمعلن لتكون ضمن أدوات استهداف المنطقة، وتنفيذ أجندات، تلكم القوى بالوكالة ولديها الأساليب والوسائل المتنوعة لاستقطاب وتجنيد الأعداد الكبيرة من الشباب وبخاصة صغار السن في صفوفها، سواء من الدول الإسلامية أو غير الإسلامية، من أجل تحقيق أهدافها الإجرامية.
والسؤال المهم هنا: ما الذي يدفع هؤلاء الشباب وصغار السن إلى الانضمام إلى تنظيم متطرف يمارس العنف والإرهاب والقتل مثل تنظيم داعش الإرهابي؟ وما العوامل الجوهرية التي تقف خلف سرعة تمدد هذه التنظيمات الإجرامية في البلدان العربية؟ وما مصادر تمويل تلك التنظيمات والتي جعلت البعض منها الأكثر ثراءً، والأكثر قوة وتسليحًا مقارنة بالتنظيمات التي تزعم أنها جهادية، الأمر الذي مكن - على سبيل المثال - تنظيم داعش الإرهابي من أن يخوض حربًا على عدة جبهات منذ سنوات، ثم مازال يتمدد في كل يوم في معظم البلاد العربية والإسلامية ما يعني أن هذه الرقعة الممتدة من أقصى الخليج العربي شرقاً إلى المحيط الأطلسي غرباً باتت ساحة مفتوحة للحرب والقتل وإزهاق لأرواح الأبرياء وتأجيج الاضطرابات والصراعات، ومن ثم ذهاب مقدرات الأمة وخيراتها وأمنها واستقرارها ووحدتها، لا أظن أن أحداً ينتابه شك أن هذه ليست قدرات تنظيم، وما كان لهذا التنظيم أن يصل إلى هذا المستوى، إنما هي قوى وتيارات اجتمعت، وأمم تداعت على أمة الإسلام ليكون هؤلاء الشواذ هم أدواتهم، ومع هذا الوضوح في الرؤية، لا يشك عاقل أن قانون جاستا هو حلقة ضمن حلقات استهداف المملكة خصوصاً، وهي بهذه المكانة التي قدمنا قلب العالم الإسلامي، والنيل منها ومن استقرارها واقتصادها نيل من الإسلام نفسه.
إن التناقض الذي يجتمع في إقرار هذا القانون في ذات الوقت التي تأتي فيه تهديدات هذه الجماعات للمملكة كفيل بأن يرد الدعوى على المدعي، ويكشف كذبهم وزورهم، خصوصاً والعالم يعلم أن هذه الجماعات المتطرفة لم تقم بأي عمل ضد إيران التي احتضنتها وآوت قادتها، ووفرت لهم الدعم اللوجستي لانطلاق أعمالهم التخريبية وأنشطتهم الإجرامية في بلاد المسلمين وعلى رأسها المملكة العربية السعودية بما تحمله من رمزية للمسلمين. لقد أظهرت هذه التناقضات هذا التحالف الفارسي الصليبي ضد بلاد المسلمين، فكانت إيران ومعها هذه الجماعات معول الهدم ورأس الشر الذي يقف خلف تطبيق خطط تقسيم بلاد المسلمين وتمزيقها وبث الفوضى فيها، في مشاريع الشرق الأوسط الكبير والفوضى الخلاقة والشر العربي (الربيع العربي)، تلك المخططات الخطيرة التي رأينا أمثلتها في سوريا ومصر واليمن والبحرين وغيرها من البلاد التي عانت وتعاني من شرور هذا التحالف المعادي للإسلام وأهله.
والواجب على المسلمين في هذه البلاد وغيرها أن يكونوا أمة واحدة كما أمرهم الله تبارك وتعالى بقوله: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا}، فإذا امتثلنا لأمر الله تعالى بالاعتصام بحبله جميعاً وعدم التفرق، والحرص على جمع الكلمة والنصح، تحقق النصر بإذن الله، تجنبنا الفوضى، ومما لا يخفى أن أقدار الله جارية، وسنته فيما يريده ماضية سواءً على مستوى الأفراد أو الدول، ولهذا مرت وتمر الأزمات ببلادنا، ونستدفعها باللجوء إلى الله، والضراعة إليه سبحانه أن يقي بلادنا وبلاد المسلمين كل شر وفتنة، ثم بالتكاتف وعزمات الرجال والروح المعنوية العالية، والوقوف صفاً واحداً، ضد كل ما من شأنه أن يخل بأمن الوطن ويضر بمقدراته.
وإننا نحمد الله أن منَّ علينا من نعم الأمن والأمان والعيش الرغيد، في ظل هذا الوطن المعطاء، وإننا لندعو الله جل وعلا لملكنا لمفدى، وولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمين وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز أن يوفقهم ويسدد على الحق خطاهم، وأن ينصر بهم دينه ويعلي بهم كلمته وأن يجزيهم على ما يبذلونه لأبناء هذا الوطن خاصة وللمسلمين عامة خير الجزاء.
وأن يعيذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن وصلى الله وسلم على نبينا وقدوتنا وشفيعنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.