ميسون أبو بكر
لم تكن المجمعة في زيارتي هذه تشبه رحلاتي الأسبوعية لها كل نهاية أسبوع، فقد كان لي موعد مع أسرة شهيد الواجب لافي العازمي الذي استشهد غرة هذا الأسبوع في الحد الجنوبي.
نورة وريم الطفلتان اللتان أول من التقيت في باحة الدار تركتا انطباعاً عميقاً داخلي، يا لتلك الطفولة التي أدهشها جمع النساء وهي لا تدرك أن لها أبا كان غائباً في الحد الجنوبي وغيابه بعد ذلك سيكون أبديّا، لأنه غادرهما إلى العالم الآخر فهو من المرابطين في جنوب الوطن ليحميه من الحوثي وأذناب إيران فما كانت إلا شظايا قذيفة أطلقها الحوثي أردته شهيداً قبيل مغادرته لأسرته بدقائق قليلة.
الموت كان أسرع من عودة لافي إلى نورة وريم فأسرع الثرى باحتضان الثريّا.
وأنا أتلمس طريقي إلى بيت أم الشهيد كانت مشاعر الفقد وفجيعة الأمومة تتزاحم داخلي رهبة من لقاء أم فجعها رحيل ابنها فلذة كبدها، وإذ بها صابرة مستبشرة أخجلني صبرها فلملمت ما استطعت من دمعي وأحرفي لأشعر بالفخر من امرأة أهدت الوطن بطلها راضية مرضية فكأني بتقبيل رأسها وراحتيها قبلت وطناً بأكمله.
أم نورة زوجة الشهيد لافي كانت تجلس في الركن وحولها النسوة يواسينها ببشرى الشهادة، ريم ونورة حولها وقد كانت طفولة الكبرى تحاول أن تجيب على أسئلة عديدة تدور في رأسها الصغير، فلم يخفها أن خطباً ما قد جمع تلك النسوة في بيتها.
عرفت من أم مبارك شقيقة زوجة الشهيد وإحدى بنات إخوانه أن المدرسة ستقيم شيئاً مميزاً لنورة بعد إجازة الأسبوع تعميقاً لمفهوم المواطنة والشهادة في قلوب أبناء الشهداء.
جمعان العازمي ابن عمه وشيخ فخذه تحدث عن الشهيد واصفاً خلقه الحسن مثنياً على أخلاقه وما عرف عنه من تهذيب وسماحة.
رحم الله لافي دبلان العازمي وأسكنه مع النبيين والشهداء.
المجمعة تدخل لائحة الشهداء وتشيع لافي إلى مثواه الأخير، يتقدم المشيعين أمير المجمعة عبدالرحمن بن عبدالله بن فيصل وجمع غفير من أهلها كباراً وصغاراً، المجمعة الْيَوْمَ تعلق على صدر تاريخها صك شهيد وما أعظم منزلة الشهداء.
أيها الوطن الذي يحوي أبناءه على أرضه صغاراً ثم يكبرون ليكونوا قناديلاً تنير الليالي المرابطة نجومها تحرس ثراه، ألوح بكف القلب إلى المجمعة ديار لافي، والقلب يهتف أنت أغلى من الولد والروح والنفس يا وطني.
وبئس إيران وأذنابها وأحزابها والحوثيون أياديها الغاشمة التي تستهدف قذائفهم الديار المقدسة وجنوب المملكة.
في المقال القادم سأخبركم عن عرس من نوع آخر هو مسك، ومنتداها العالمي للشباب الذي ضمته الرياض يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، وجمع الشباب برواد الأعمال من العالم.
لنا لقاء.. كل التحايا،،،