سعد بن عبدالقادر القويعي
وفق نسق من السياسات الاقتصادية، والأيديولوجية، والتخطيط الإستراتيجي، أعلنت السلطات النيجيرية - قبل أيام - حظر «الحركة الإسلامية في نيجيريا»؛ لأنها تشكل تهديدًا للأمن، إِذ تعد الحركة المحظورة أحد الأجسام الخبيثة التي غرستها إيران في نيجيريا.
وفي تقديري أن وجود رؤية واضحة حول أولوية إفريقيا في أجندة السياسة الخارجية الإيرانية، شكّل خطرًا حقيقيًا على النسيج الاجتماعي لتلك الدول؛ مما قاد في المستقبل القريب إلى بروز موجة من الاستقطابات السياسية البغيضة، والانقسامات الدينية المؤدلجة في المشهد السياسي العام.
ارتدى الاختراق الإيراني عباءة المصالح المتبادلة، والوقوف في مواجهة قوى الإمبريالية، والاستكبار العالمي - هكذا زعموا -، بينما تشير الحقائق إلى استغلال طهران قضايا الفقر، واتساع مساحة هذه الدول؛ لخلق بؤر، وشبكات اقتصادية، وعلاقات حزبية، وثقافية تساعدها على تنامي نفوذها، وذلك من خلال تقديم المساعدات، والمنح الدراسية عن طريق سفاراتها، وبعثاتها الدبلوماسية، ومكاتبها الثقافية؛ ليصاغ الدور، والسياسة الخارجية الإيرانية في إطار الوحدة الدولية؛ بغية تحقيق أهدافها الخبيثة إزاء وحدات خارجية.
اختلفت دوافع النظام الإيراني من وراء التغلغل في إفريقيا من بلد إلى آخَر، إلا أن الخطاب السياسي الإيراني، والتوظيف المتكامل لأدوات السياسة الخارجية، كانت أداة رئيسة استخدمتها إيران؛ للتوغل في القارة الإفريقية، والمتمثلة في نشر التشيع، إضافة إلى ما اعتادت عليه في سياستها الخارجية، وذلك من خلال فتح قنوات غير رسمية مع حركات معارضة؛ لضمان ولائها، أو توظيفها في مراحل مختلفة عندما تقتضي الحاجة؛ الأمر الذي جعلها تخسر، وبشكل مباشر ما حققته من إنجازات؛ بسبب تورطها في الصراعات الداخلية، وتغذيتها للنزاعات.
من أجل مواجهة التوغل الإيراني، فقد لعب عنصر المخاوف السنية من نشر التشيع دورًا مهمًا في الوقوف بوجه التوغل الإيراني؛ - وتأسيسًا على ما سبق - فإنه ينتظر الدول - العربية والإسلامية - صياغة إستراتيجية عاجلة؛ لتدارك المخاطر، لا سيما أن الأمن الاستراتيجي الخليجي يبدأ من إفريقيا - عمومًا -، والقرن الإفريقي - خصوصًا -؛ ولأننا أمام مرحلة جديدة لمواجهة التهديدات الإيرانية في الإقليم ككل، فقد قررت المملكة العربية السعودية المقارعة، وعلى أكثر من صعيد مواجهة التغلغل الإيراني، وذلك من خلال عَلاقاتها مع السُّودان، ونَيجِيريا، وبقية الدُّوَل الإفريقية إلى تحقيق أهداف أخرى، تمثلت في الاهتمام السعودي بقارة إفريقيا في عهد - ملك الحزم - سلمان بن عبد العزيز، وتحجيم النفوذ الإيراني المتزايد في القارة السمراء، التي يعدها مراقبون استعادة للدور السعودي، وقطعًا لطريق الأطماع الإيرانية في هذه الدول، والعمل على إلغاء فرض ضرورة احتسابها في المعادلة السياسية الإقليمية.