فيصل خالد الخديدي
يحفظ التوثيق كثير من القيم الإبداعية ويدونها من الماضي لتكون وقوداً للحاضر ومؤشراً وشاهداً صادقاً لبناء المستقبل, والتوثيق قيمة تاريخية تُبنى على المصداقية وتتغذى بالمصادر الحقيقية وتتقوى بالحيادية وتُشهر بالنشر والكتابة, وهو حفظ للحقوق وترتيب لمنجزات الأجيال، وصناعة تاريخ الأمم يتكئ كثيراً على التوثيق ومصداقيته وصحة مصادره, والتوثيق مطلب مُلح في كل العلوم والثقافات والفنون لكل المجتمعات، وفي الفنون التشكيلية تزيد الحاجة للتوثيق من عدة جوانب فتوثيق تاريخ الفنون والفنانين وسيرهم واتجاهاتهم واجب على المؤسسات والأفراد المعنية بالفن والثقافة وحتى الأكاديميات والمؤسسات التعليمية, كما أن التوثيق في الفنون التشكيلية يهتم أيضاً بتوثيق الأعمال التشكيلية ومصداقيتها وملكيتها في الإنتاج وفي الامتلاك وإصدار التصاريح والشهادات الرسمية اللازمة لحفظ الحقوق سواء للفنان أو المقتني وهو إجراء هام نفتقده في الساحة التشكيلية المحلية وحق للفن على المؤسسات المعنية تفعيلة وتبنيه كمشروع يحفظ الساحة من العشوائية والتخبط الذي تعيشه ويضع حداً لمن يمتهن التزوير والتضليل في منجزات الفن محلياً أو ما يدخل من خارج الساحة المحلية من أعمال عربية وعالمية.
يمر على الفنون التشكيلية عدد من القدرات والطاقات التشكيلية والشخصيات المؤثرة التي تعيش فترتها الزمنية وتحدث تأثيراً وتعديلاً في مسار المشهد التشكيلي سواء على المستوى المحلي أو العالمي، وإن لم توثق مسيرتهم ومنجزاتهم فإنها ستكون طي النسيان وتلفها الأيام بالجحود والنكران, فالتوثيق لمثل هؤلاء يكون حق على مجتمعاتهم ومجايليهم وهو شيء من تاريخ وإرث المجتمع لا بد أن يحفظ ويوثق بمصداقية وحيادية, وحق على الجميع توثيق منجزات من سبق من التشكيليين والتشكيليات الذين قدموا التضحيات وساهموا في بناء الأساسات ليستمر البناء ويظهر العطاء ويكون للفن التشكيلي محلياً حضرته ومقامه، فهؤلاء القدوات من حقهم على المؤسسات التعليمة والأكاديمية والثقافية توثيق سيرتهم ومسيرتهم ومنجزاتهم وأن يكونوا ضمن تاريخ يُدرس و أبحاث تنشر وكتب تطبع فثقافة الساحة التشكيلية المحلية تبدأ بمعرفة تاريخها وفنانيها, ومكتبات الجامعات تزخر بكثير من الأبحاث العلمية في العديد من المواضيع التشكيلية وعن بعض التشكيليين ليتها تجد طريقها للتفعيل وتضمين مناهج التعليم بشقيه العام والعالي شيء من سير التشكيليين السعوديين ليكونوا قدوات كما يستحقون.