في صبيحةِ يومٍ غائم ساكنِ الريح، وبينما كان (ستيف) المديرُ التنفيذيُّ لشركة ببسي في مكتبه يحتسي قهوتَه الصباحية، ويطلُّ عبْر نافذته مستمتعًا بمنظر تلك الحديقة الجميلة مترامية الأطراف والتي اقتطعَت مساحةً كبيرةً من فناء الشركة، جاء رنينُ الهاتف ليقطعَ حاجزَ الصمتِ الرهيبِ الذي خيَّم على أرجاء المكان!
فمن يا عساه يتصلُ في هذا الوقت المبكر من اليوم؟
التقطَ سماعةَ التلفون وأجابَ!
فمن كان يا ترى هذا المتصلُ؟!
إنه أبعَدُ شخص يُتوقع اتصالُه.. لقد كان المديرَ التنفيذيَّ لشركة كوكا كولا!
إنه العدوُّ اللدود، والخصمُ العنيد، والمنافسُ الوحيد!
والذي تلقَّى صاحبُنا بلسان عذْب رقيق وتحية لطيفة جميلة!.. وشكَر مديرُ كوكا كولا لصاحبنا شكرًا كبيرًا، وأبدى تقديرًا بالغًا على الخدمة العظيمة، والتصرف الحضاريِّ والسلوك الراقي الذي قدَّمه له المديرُ التنفيذيُّ لشركة ببسي! والذي علت مُحيَّاه دهشةٌ كبيرةٌ، واستغرابٌ كبيرٌ! فهو لا يذكر أنه قد تواصَل معه أو تحدَّث معه، فضلًا على أنْ يكون قد أسدى له خدمةً!
فاسْتوضحَ منه الأمرَ، فذكر له أنَّ مجموعةً من الملفاتِ المهمة بالغة السرية، والتي تخصُّ شركة كوكا كولا قد أُرسِلت بالخطأ إلى شركة ببسي! فما كان من موظفي ببسي إلا أنْ أعادوا تلك الملفاتِ دون فتحِها، موقنًا بأنَّ هذا التصرفَ تمَّ بإيعاز من (ستيف)، وهو الأمرُ الذي ما سمِع عنه في الأصل!.. وبعد انتهاء المكالمة اتصل (ستيف) بالقسم المسؤول واستفسرَ عن الحادثة, فأكدها له مديرُ القسم، وبيَّنَ أنَّ الملفاتِ وصَلَت، وأُعيدَ إرسالها للشركة المنافِسة مباشرةً، ولا يعلمُ بهذا الأمر إلّا هو والموظفة التي استلمت الملفات!... لقد كانت مِن أجمل المكالمات التي تلقّاها (ستيف).
كانَ هذا الموقفُ هو مثارُ فخر ستيف بعد استقالته من ببسي؛ فعندما يُسألُ عن أهم إنجازاته، كان يتباهى بهذا الموقف، ويقول: أعظم إنجازاتي هو أنني نجحتُ في زراعة القيم الجميلة فيمَن حولي!