د.خالد بن صالح المنيف
1 - الفكرة (اللاعقلانية ) الأولى: تحري وانتظار وتوقع الحب والتأييد والتشجيع من الجميع!
تلك الفكرة غير العقلانية تدور حول محور: أني يجب أن أكون محبوباً مرضياً عني من الكل وأيضاً يجب على الجميع تشجيعي وتأييدي والتصفيق لي! وإن لم يحدث هذا فستتجلل حياتي بالسواد وسيتوقف عطائي!
نقض الفكرة: البشر لم يتفقوا على حب من خلقهم ورزقهم وسترهم وأكرمهم فقالوا عن العزيز جل جلاله: يد الله مغلولة، وقالوا إن الله فقير ونحن أغنياء، وما نال الأنبياء صلوات الله عليهم حب كل أفراد مجتمعاتهم، فعادوهم وسعوا في تشويه سمعتهم وحبلوا لهم ونصبوا المكائد فهل تريد أنت أن تحظى بإجماع الكل!
الحل: ابذل جهداً واستفرغ سببك وافعل ما يمكنك فعله ولا تتسول محبة ولا تتلمّس ثناءً ولا تنتظر تصفيقاً، وصدقني بعدها سيحبك الصفوة الكرام أما اللئام فقد قرروا كرهك مهما فعلت!
2 - الفكرة (اللاعقلانية )الثانية : لن أشعر بقيمتي ولن يكون لي قدر حتى أكون صاحب إنجازات عظيمة أتفوق بها على من حولي!
نقض الفكرة : هذه فكرة في غاية الخطورة وهي تجعل من الإنسان في حالة من الركض واللهث الدائم حتى يصل للمراتب العليا من الإنجاز وهو ما يتعذر الوصول إليه! لذا ينتج عند أصحابها اضطرابات نفسية وشعور بالضآلة والدونية ومركّبات نقص تؤثر على حياته بشكل قوي، إضافة إلى أن صاحبه لن يستمتع بحياته الشخصية، لأن الإحساس بالنقص ومشاعر الفشل ملازمته! ومن مسلّمات هذه الفكرة أننا لن نحترم من لا يملك إنجازات، فالفقير والمجنون ومن يشكو من مرض الخرف ليسوا جديرين بالاحترام!
الحل: ليكن لديك خطة واعمل بجهد وإتقان فمكانتك وقوّتك ترتبط بمدى استثمارك لجهدك وأدائك لمهامك بإخلاص وحسب قدراتك، وليست بحسب تفوقك على الآخرين، فكل البشر جديرون بالاحترام وتذكر أن قيمتك الكبرى تأتي من كونك إنساناً، وفوق هذا أنك مسلم موحِّد!
3 - الفكرة ( اللاعقلانية) الثالثة : تقمّص دور الشرطي والعيش بعقلية أن كل مخطئ يجب أن يعاقب!
وتدور هذه الفكرة على أن البشر مصدر للشر وأن الزلل مرفوض والخطأ مستهجن، ويجب عليّ مراقبة تصرفات الناس ومتابعة سلوكياتهم ورصد ما أراه خطأ والتشنيع عليهم وإن أمكن عقابهم!
نقض الفكرة : تلك فكرة غاية في السقم ؛ فما تراه خطأ ربما غيرك لا يراه خطأ وربما كان صواباً، ولكن في سياق آخر لم يتجل لك، لذا كف عن متابعة الناس وعد أنفاسهم وتلمُّس هفواتهم توقف عن ممارسة دور الشرطي فلن تُسأل عن الآخرين!
الحل : عليك نفسك أولاً وإن رأيت زللاً بيناً وخطأ فاضحاً ؛ فانصح برفق بدون شرط القبول والموافقة ثم انسحب وتابع حياتك وعليك بروح المسامحة والتغافل!
4 - الفكرة (اللاعقلانية )الرابعة: ترقب المصائب وتوقع حدوث الأخبار السيئة والحوادث الموجعة يمنع حدوثها!
يعتقد الفرد بأنّ الحالات التي تمثل خطراً عليه ينبغي الاهتمام بها والتفكير فيها باستمرار، وهو ما يسمّى بالاعتقاد (بالقوة الوقائية للقلق ) فصاحبها في هذه الحالة يفترض لا شعورياً أن الأشياء السيئة لم تحدث له لأنه قلق بشأنها ويفكر فيها باستمرار، فيشعر وكأنها حارس يقظ يعمل على حمايته ويمنع المشكلات من الاقتراب منه.
نقض الفكرة: الوقائع والمنطق يكذب تلك الفكرة فالأمور مقدّرة ولا علاقة ولا شأن بالقلق بها، بل ربما أن القلق المفتعل هذا يدمر الصحة ويعطل الحياة!
الحل : الإنسان دائماً يتوقع الخير ويعمل ما بوسعه لردم المخاوف ثم ينام قرير العين!
5 - الفكرة (اللاعقلانية ) الخامسة : أن يعتقد الفرد أن الأمور يجب أن تسير حسب رغبته! وأن الأمور لا بد أن تكون في مصلحته دائماً وأن الأحوال والظروف يجب أن تتساير مع ما يحب, وإن لم يحدث ما يريد انزعج وتعطلت الحياة بالنسبة له وضاق ذرعاً بنفسه وبالناس!
نقض الفكرة : لم نكتب موثقاً مع الحياة على أن تصفو لنا في كل مشرب وعلى أن تحلو لنا في كل موقف وهذه طبيعة الحياة وما وفرت كبير ولا صغير من نقائصها ولسعاتها.
الحل: تقبل ما حدث من أمور سلبية إخفاقات أو أخطاء تقبلاً إيجابياً ولا تضيع جهدك على محاولة تغيير الماضي لأنه ضرب من الجنون! وذلك بالاستفادة والتعلم منها ثم واصل مسيرتك للأمام.
6 - الفكرة (اللاعقلانية) السادسة: الاندفاع الانفعالي! وهذه الفكرة تتمحور على أن كل ما يصيب الإنسان من مشاكل وأزمات ومصائب مردها أسباب خارجية وظروف محيطة لا يستطيع الفرد التحكم بها ولا السيطرة عليها، وأن التعاسة صناعة خارجية ونحن أبرياء منها فربما تتعلق بالعين، أو وضع آماله على الأبراج أو توهم الحسد أو ترسخت في داخله نظرية المؤامرة.
دحض الفكرة : يقول جاك كانفيلد : إما أن تصنع ما يحدث لك أو تدع ما يحدث لك .. يحدث لك! الله أعطانا نعمة الاختيار والإنسان هو من يقع في الأخطاء هو من يبذر المال وهو من يهمل الصحة، وهو من يقصر في حق الشريك وهو من لا يعتني بتربية أولاده، وقانون السببية قانون لا يتخلف ولا يتأخر وهو من نواميس الكون، فلكل سبب مسبب, واللجوء لما وراء الطبيعة يضعف البشر ويفتت قدراتهم ومواهبهم.
الحل: افعل ما في وسعك وابذل جهدك مستعيناً بالله متوكلاً عليه، مختاراً الوسائل المناسبة والطرق الموصلة، وثق أن النتائج بحول الله ستسرك.
ومضة قلم
عندما ترى الجميع يسلك نفس الطريقة, فاعلم أنه حان وقت تغيير الطريق.