د. ناهد باشطح
فاصلة:
(العالم كله مسرح والرجال والنساء فيه مجرد ممثلين في دراما الحياة، ينطقون ما حفظوه من أقوال، ويؤدون ما وزع عليهم من أدوار).
- شكسبير -
من المؤسف أن لا تكون لدينا دراسات نفسية حول الإنسان السعودي والأغرب ألا تكون لدينا دراسات نفسية حول المثقف السعودي!!
طرأت لي هذا الفكرة وأنا أستعرض بعض عناوين الزوايا والمقالات في صحفنا المحلية، وتتوقف بي الذاكرة عند بعض الأسماء من الكتّاب ممن كان لها مواقف مخالفة للمبادئ والقيم الجمالية الذي تنادي بها.
فمن يكتب عن نبذ الكراهية خبرنا له موقفا عدائياً، ومن يكتب عن الأمانة والإخلاص خبرنا له موقفاً جسد فيه الغدر وهكذا.
يبدو الأمر مقبولاً لمن ليس لديهم الوعي المفترض بالمثقف وهذا ما يجعلنا نتساءل:
لماذا يتناقض المثقف؟
المفكر العراقي «أحمد جابر الصعب» له مقالة عميقة يحلل فيها سيكولوجية المثقف العراقي، ويرمي بثقل المسؤولية على صراع المثقف بين ذاته والدور، وهذا ما يؤدي إلى نتيجتين منطقيتين:
الأولى: وجود ثقافتين في الفرد الواحد هما الثقافة الخاصة به والثقافة الخاصة بالدور الذي يؤديه.
والثانية: إن ازدواج الثقافتين في الفرد الواحد (المثقف تحديداً) يفضي إلى إشكالية سلوكية.
وفي رأيي يتجلى ذلك بالفعل في تناقض الكاتب بين ما يكتب وبين ما يمارسه من سلوكيات في حياته اليومية، وهي ليست قاعدة عامة إذ يوجد بلا شك استثناءات للشرفاء.
إذن فالصراع قائم لدى المثقف بين ما يؤمن به ويطبقه من قيم وبين ما يتطلب منه الدور القيام به، وهي إشكالية قد تعرضه إلى الاحباطات والاكتئاب أحياناً إذا ما شعر بأنه يمارس هذا التناقض.
إذا كانت بعض المجتمعات حولنا درست سيكولوجية المثقف في وقت الحروب، فالواقع يقتضي دراسة سيكولوجية المثقف في هذه المرحلة من تاريخنا، والتي يقع فيها دور المثقف السعودي على المحك، حيث ينشط الإعلام الجديد بقنواته المتعددة وتتعرض بلاده إلى هجمات عدائية من الخارج
وهنا لا بد من دراسات للتعرف على مشكلات هذا المثقف وأهمية دوره وآليات قدرته على التأثير المجتمعي في عصر يبدو فيه علمياً تضاؤل تأثير الكتّاب ونخب المجتمع.