سلمان بن محمد العُمري
من المؤثرات السلبية على الأفراد والمجتمعات «المثبطون» و»السلبيون» وهؤلاء قد يكونوا مع الأسف أصحاب مراكز قيادية أو أكاديميين أو موظفين في الدرجات التنفيذية. وبكل تأكيد لن يكونوا من رجال الأعمال لأن العنصر الأول المطلوب في رجل الأعمال الناجح هو «الإيجابية» وليست السلبية.
وإذا كان المرء يتم تحذيره من كل صاحب سلبي مقنط ويائس وغير متفائل فإن الأمر الأخطر والأشد كارثة حينما يكون هذا المثبط السلبي من بيده مقاليد الأمور ويمتلك زمام القيادة والتوجيه ويتطلب منه التحفيز والتشجيع والحث على الارتقاء بالأداء ويحول وبالاً على الآخرين بعبارات أو بأفعال وهي تنم عن الفوقية والنظرة السلبية ووصم الناس بالعجز والخمول والتراخي وعدم القدرة على الأداء.
إنّ علماء النفس والإدارة على حدٍّ سواء يتفقون على أهمية إيجاد البيئة الصالحة للعمل، وأن المحفزات للموظفين لها أثر إيجابي في مضاعفة العطاء وكسب الولاء لأي منشأة، ولذا فإنهم يرون من الأهمية تجنّب الموظفين للأفكار السلبية المؤثرة، فلا يمكن أن يعلن العجز وعدم القدرة على استكمال المسيرة وأنّ القائد وحده من يملك الحل، وأن يكون هو المدرك الوحيد للمشكلة الذي يسير عليه العمل وخطته التي أعدها أو أعدها من قبله هي السبب في ضعف الولاء وقلة الإنتاج وانعدام الرقابة الذاتية.
إنّ من أبرز الصفات لدى القائد الناجح والمسؤول البارز أن يكون قدوة للعاملين ومثالاً يحتذى به يفكر في الحل ويوجد علاجا للمشكلة ويؤمن بقدرة الفريق الذي يقوده، وأن يسخر ما لديه من أفكار وحلول ويساعد فيها الآخرين بل ويشجعهم على أنّهم العامل الرئيسي في الارتقاء بالأداء وأنّ ما تحقق من إنجازات سابقة هو لهم وعلى أيديهم ويؤمل منهم الكثير ويغرس فيهم روح التفاؤل وتعزيز التفاعل والإخلاص لا أن ينسب النجاح لنفسه والإخفاق وسوء الأداء لغيره.
ومعايير الجودة وحسن الأداء لا تقف عند حدود الخطط والبرامج والدورات التدريبية فحسب بل لابد أن يصحبها محفزات مادية ومعنوية وإذا انعدمت المحفّزات المادية لأيّ ظرفٍ من الظروف فلا أقل من أن تبقى المحفزات المعنوية بالكلمة الطيبة والتشجيع المعنوي بالشكر والتقدير والثناء.
والمسؤول الناجح والقيادي المتميز هو من يحسن الكلام كما يحسن الأفعال وينظر للمستقبل ويتطلع لما هو ممكن ويختار ما يقوله لا أن يقول ما يختاره ويبتعد عن التعميم في الأحكام والإكثار من الملام، وأن يعتبر أن كل إنجاز ممكن وإن كان صعباً، وأن ينظر في قصور الأداء من جميع الزوايا، وليس من زاوية واحدة حدّدها بنفسه مسبقا ووضع لها الأحكام الجاهزة المقبولة.
وإذا كان المختصون في علم النفس والإدارة كما أشرت في البداية يحذرون من أي صاحب سلبي يكثر التذمر ودائم القنوط لئلا ينعكس على من حوله ويصاحبه في مقاعد الدراسة والعمل فإنّنا وبكل تأكيد نقول لا وألف لا لمن يملك هذه الروح السلبية وهو في مقاعد القيادة لاسيّما وأنّه أتى إليها من الأبواب الخلفية وليس من أول السلم، وإن هؤلاء الذين تغلب عليهم السلبية هم ممن يتصف بالأنانية والذاتية ولا يتوقع منهم النجاح في إدارة عمل يتطلب القائد الماهر.
وفي الختام أوجه تحية تقدير وإجلال لكل عسكريٍّ مرابط في الميدان وعلى الثغور، ولكل طبيب يعالج عشرات المرضى، وجرّاح يقف بالساعات يداوي الجرحى، ولكل معلم بحّ صوته طوال ساعات الدوام، ولكل قاضي ينظر في عشرات القضايا في الأسبوع، ولكل موظف أمين محافظ على العمل.