علي الخزيم
من المثالب أن تجد مُربّياً أو إماماً خطيباً يتخلى عن أمانة الموقف والكلمة فضلاً عن أمانة المهنة، المُربّي مكلف بتربية أبنائه وأبناء الآخرين ممن تحت أمانته الوظيفية من تلاميذ أو طلاب باختلاف مستويات التعليم تربية صالحة يرضاها لنفسه ومن هم في دائرة تكليفه، تربية حسنة تتفق وتتسق مع تعاليم الشرع الحنيف، وما تُمليه العقيدة السمحة التي تأمر بالود والمحبة وتقوية أواصر العلاقات بين المسلمين كافة وبين أفراد المجتمع المتجانس والأسرة خاصة، (والآصِرَةُ: ما عَطَفَك على غيرك من رحم، أَو قرابة، أَو مصاهرة، أَو معروف).
فإذا كان المربي لا يلتزم سوى بمسمى الوظيفة من حضور وانصراف وتلقين للتلاميذ، فهي مهنة منقوصة الواجب الوظيفي والأمانة المهنية، ذلكم أن (بعض) المربين والمعلمين يؤدي واجب العمل كممارسة روتينية مجردة من فضائل كثيرة كتقوية الروابط الأسرية لدى التلاميذ وتعليمهم وتعويدهم ما يُقَرّب لهذه الفضيلة والمبدأ الإسلامي الراقي القويم، فإذا ما انتهى الدرس تجده ينقلب إلى صورة إنسانية مغايرة لما كان عليه داخل قاعة الدراسة و(التربية والتعليم)؛ في تعامله مع الطلاب والزملاء يتجرد من كل ما تحدّث به من قِيَم تربوية وإنسانية واستشهَدَ على فضلها وأهميتها بالآيات الكريمة والأحاديث الشريفة؛ وهي ما ستكون مدار أسئلة الاختبارات ما يعني أنه على المُتَلقّين الالتزام بها قولاً وعملاً، وينسى أنه كمرب وإنسان مكلف أنه أيضاً أمام اختبار حقيقي من حيث الالتزام بما يُعَلّمه لتلاميذه وطلابه، والأهم ما يعلمه لأبنائه داخل منزله، فمن المُعيب ان تشاهد من يُسَمّى مربياً وهو يُعَوّد أولاده على الحقد والكراهية والبغضاء لإخوانه وأبناء عمومته والمقربين، انقياداً لمزاج عَكِرٍ ونفسية مُضطربة وقلب صلد يُمْلِي عليه صواب انحراف طريقته وسلوكه، وبالتالي يريد لأبنائه السير على خطاه المُعْوَجّة، وهنا وقفة هامة: كيف يقبل الأبناء لا سيما الراشدون الانقياد لهذه الرغبة الخاطئة إرضاء لوالدهم على حساب الإيمان والمبادئ والمُثُل العليا؟.. وأصبح منهم من حاز الشهادات ومسؤول عن أسرة، وربما بتخصصات تُمكّنهم من إدراك هذه العِبَر أكثر من غيرهم، ومع كل ذلك لا يهتدون للحق تحت وطأة اعتبارات وموروثات ما أنزل الله بها من سلطان، فما يطرأ من خلافات عائلية لا يجب أن تكون هي الحاجز المنيع لقطع صلة الأسرة بالأقارب، كيف ونحن بكل مجالسنا ندعو للوئام والمحبة فإذا كان الأمر لنا (نقلب ظهر المِجَنّ) لكل المبادئ، وتتصلب رؤوسنا أمام خلافات عابرة يمكن حلها باتصال هادئ أو جلسة مع شاي بالنعناع.
الخطيب يحُثّ المصلين على المرونة فيما يتصل بزواج الشباب من الجنسين من جهة المهور وعدم التشدد بمراسم ومتطلبات الزواج واحتفاليته، فيتقدم شاب من أقربائه لخطبة ابنته أو أخته، ليكتشف أن الخطيب كان يقرأ للمأمومين كلاماً ويحثهم على أمر لا يطبقه بنفسه في الواقع، وسمعت (إن صدقت الرواية) ان خطيباً بأحد الجوامع، حَدّثه أحد الساعين بالخير وتزويج الشباب لمساعدة شاب فاضل عُرف بالاتزان ورجاحة العقل، فرد بعنصرية: (طرش بحر)!.