في دفتري الصغير أو في شاشة هاتفي أو في ورقة التقويم ملاحظة لا يسفعني على التذكر إلاّ ورقتها البيضاء، ليس شرطاً أن أتم تأريخها بالكلمات والذكريات ، بل أختار ما يمكن أن أكتبه من ذات تتعلّم وأنجزه في حينه.
لست ممن يجيدون كتابة المقدمات دائماً ، ولا أتقن فنونها ، لأنني أحاول أن أتجاهل صيغها دائماً ، فأنا امرأة فطرية أنطق قولي على نحو تلقائي ، أحب أن أكون كذلك لن أتغير ، أثير الجدل باستمرار، وعن غير تخطيط مسبق.
وبالرغم من أن حواسي أشد حاجة مني إلي ، وكذلك حديقة ذكرياتي التي لا تكتفي بأحلامي، فإنني أبدو أشد تواضعاً إذا ما اتجهت إلى المتلقي حين تبدأ الكتابة بقارئها، لتؤكد له محبتها إياه وحرصها على التقرب منه وتلمُّس أفكاره وميوله وهي تسعى للتعبير له وعنه، وتتلهف للاهتمام به فتفاجئني تناقضاتي بين ذاتين :كاتبة وواعية.
حيث لا أتوقف عن الشغب والمشاكسة والنظر إلى الكون بعين حرة تستمتع بفلسفة ما يحيط بها وتحليله ؛ وهي متعة قائمة بالنسبة لي أشيعها ولا أرغم على الأخذ بها أو قبولها.
لي ضمير يفتح ذراعيه للأحلام الزرقاء المتسعة يبسط عطشه الأصفر على الأفلاك والمدارات متلهفاً للارتواء بالنزاهة وحسب. وبفضل ذلك تجري في عظامي الأنهار والأشجار وتبني الطيور أعشاش انتمائها في كل أغصان روحي وغاباتها وضفافها التي تسافر منها وإليها.لم أسرق قلباً قط لأنني أدرك أن هذه جريمة يفترض أن يطبق حدّ القصاص على من يفعلها.
قد أتحول إلى كائن إلكتروني في خضم هذا العالم الافتراضي ، فأجيد القفز والطيران بين الأيقونات شرقاً وشمالاً غرباً وجنوباً، دون حدود أو ضوابط ولا مرجعية أتوسم فيها إلا مؤشرات البحث.
وفي هذا المدار الافتراضي كثيراً ما تمرنت على المشي بنصف روح . وعشت بنصف جسد لكني لم أنجح في التفكير بنصف وعي ولا على التعامل بنصف ضمير. فلا ذات لي تحضر في زحام الكون كي لا يزداد فراغي.
- هدى الدغفق