(1)
الليل يرقد في جبين الحزن يرسم ما تبقى من رحيق الحلم في عينيك يرتقب الصدى.
تمضي جراحات النهار تضمّ في كفيك آلاما تواريها
وتنتظر المدى.
هذا صباح الحزن، قلبك لم يعد، عيناك سادرتان
صمتٌ صارخ،
وحكاية خرساء أتعبها الذهول ، وأنت في وهج الرؤى.
(2 )
هذي السحابة هل تمنّ عليك بالماء المعطر ؟
هل تعيد نداءها للزّهر؟
هل يشتاقها ضوء سماوي يناجي ما تبقى من حنينك؟
يداعب الروح المعتقة الجراح.
لم تنتظر وعد السماء بكيت أنت لعلّ لوعة دمعة تسقي انتظار العابرين هنا وكل كآبة حمراء تسكن في ضمير الكون سمّرها الأسى.
(3 )
صحراء قلبك نقطة في آخر السطر المبيّت في حروف الحزن.
أسقطْ جميع معاجم الكلم، احتراف الحرف ، قافيةً ملونة النشيج ، صافية الحنين .
الآن ينتبه النداء، سؤال أمسك، ما يزال معذباً، حرفان لم يجدا جواب:
من أنت؟ كيف أتيت ؟ تغتال السؤال !
(4)
ها أنت منها قد خرجت محملا بدم القتيل
وكنت ملقى البئر ، حين أتاك صوت الريح تصرخ :
لا مجير .
بلقيس : هل هذي ولادة هدهد ؟
نتفت جناحيه جراح العاشقي الوطن المخضب بالدعاء .
ما زال في سجن الرشيد .
(5 )
ألقيت جبتك القديمة لم يعد في البئر ماء
لا دلو إلا مقلتاك تريهما برقا تجدده الأماني ثم يندثر الضياء.
من قال: إن الحرب موسيقا ترددها الليالي ثم تحترق الطبول.
لا حلم إلا ما اكتحلت تدير وجهك نجمة بكماء أيقظها الذهول.
كنت انتظرت هنا، ضفاف القدس باكية، وبغداد الأليمة تحتسي حزنا خرافي التوجّد في ظلام الصبح لا وجعٌ سوى مهد تمزّق بين أروقة المدائن
قرطاج ساهرة وصنعاء الوحيدة في محيط اليأس ترتقب الهطول.
( 6 )
أوقفت عمرك؟
كالغيوم تصوغها ريح فتكتب في نهايتك الحزينة:
علّ قلبك لائذ بالريح يوشك ما تبقى من أنينك أن يزول… ولن يزول.
هل عاد قوسك من تخوم الفرس تحمل بعض حلمك كي ترى وجه العروبة مشرقا؟
أم أنّ فصلاً آخرا من حزنك الأبديّ بات يهدد الذكرى إلى المجهول، لا تدري ، تسير وفي طريق الموت تنتظر الحياة.
- شعر/ أحمد اللهيب