سهام القحطاني
«أتمنى فوز ترامب كي نعي يومنا ونسعى لغدنا مستدلين و مستقلين»
-د إبراهيم التركي-
كان صباح الأربعاء كئيبا وصادما لمؤيدي هيلاري وللكثير من النساء حول العالم، وإن خسرت السيدة هيلاري السياسية فقد كسبت التاريخ فستظل رمزا للمرأة المناضلة التي لن تنساها ذاكرة التاريخ. وكما قلت في المقال السابق إن اختيار الناخب الأمريكي لرئيسه هو أمر يتعلق بالبرنامج الانتخابي الذي يقدمه المرشح للرئاسة. وفي النهاية فازت إرادة المجمع الانتخابي المحرك الحقيقي للانتخابات وإرادة ومزاجية الناخب الأمريكي ليكشف العالم من خلال هذا الاختيار أمريكا التي لا يعرفها أحد. تسمّرت أنظار العالم بالدهشة والصدمة وهي ترى نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية وفوز دونالد ترامب برئاسة أمريكا. والصدمة لأن النتيجة كانت خارج عمومية التوقع ولعل ما شجع على الاستسلام لعمومية ذلك التوقع الاستفتاءات الخارجة من مراكز رصد حركة الرأي العام الأمريكي تلك الاستفتاءات التي تنبأت بفوز هيلاري المؤكد على ترامب، وتراجع شعبيته وعدد مؤيديه. وفشل استفتاءات الرأي في التنبؤ بالرئيس الأمريكي القادم أيضا يحيطه الكثير من الغموض فمن خدع من؟ هل رجل الشارع الأمريكي خدع صنّاع تلك الاستفتاءات،أم تلك الاستفتاءات خدعت الشارع الأمريكي؟ هل انتهت أسطورة وسطوة أثر»الرأي العام» في صناعة التوجه و القرار؟. ولم يكن الفشل خاصا بتلك الاستفتاءات بل شمل أيضا غياب»تأثير نجومية المشاهير في أمريكا» مشاهير السينما والغناء الذين أيدوا هيلاري والذي يسيطرون على المئات من الملايين من المعجبين داخل أمريكا، فلم ينجح هؤلاء المشاهير من تحريك مئات الملايين من المعجبين إلى الصناديق الخاصة بانتخاب السيدة هيلاري، وهو ما يعني أن اختيار الناخب الأمريكي كان يطير خارج السرب من هذا و ذاك. وبعد فوز ترامب برئاسة أمريكا تلفت من هم خارج أمريكا حولهم لإعادة تأمل وقراءة الحدث مرة أخرى، والبحث عن إجابات لأسئلة شائكة حملها فوز رجل مثل ترامب برئاسة أقوى و أعظم دولة في العالم. اختار الشعب الأمريكي بما فيهم وقبلهم الممثلون للمجمع الانتخابي ترامب رئيسا لأمريكا ؛أمريكا رمز الحريات والانفتاح والاندماج السلمي والثقافي مع الآخر، رغم قلة خبرته السياسية، لكن يبدو في النهاية أن الاقتصاد قد انتصر على السياسة، وأن الزمن القادم هو زمن العمال و الفقراء في أمريكا لتُعيد أمريكا سيرتها الأولى. وخذل هيلاري أيقونة الخبرة السياسية و الفكر الانفتاحي مع الآخر عرقا و دينا، واللغة المتوافقمع دول العالم. فهل لهذا الاختيار من قبل الناخب الأمريكي دلالاته التي تتجاوز حدود بلاد العم سام وتكشف عن وجه أمريكا الذي لايعرفها أحد؟ هل اختياره «أمريكا أولا» بدلا من «أمريكا للجميع» إشارة العودة إلى «عصر الكاوبوي» وعصر «العزلة الأولى» لأمريكا؟. هل اختياره «لأمريكا أولا» على «أمريكا للجميع» إخراج نفسه من لعبة العولمة التي تترأسها بلاده من خلال عقائد و أفكار و اقتصاد العالم؟ هل اختياره «لأمريكا أولا» هو إعلان عن ملله من استمرار بلاده لقيادة العالم وإسقاط أسطورة «أمريكا للجميع»؟،هل ضاق الأمريكيون ذرعا بكل قادم إليهم يستفيد من نصيبهم في هواء الحرية وخير الاقتصاد، هل أصبحت أمريكا الحلم الشرعي للجميع حلما خاصا للأمريكيين فقط؟ هل سيصنع ترامب «عزلة ثانية» لأمريكا على غرار جورج واشنطن؟ ليجد العالم نفسه أمام مبدأ يسنّه ترامب كمبدأ «مونرو»؟،لتبدأ رحلة «الرجل العجوز»تمهيدا للعدّ التنازلي لأفول الامبراطورية العظيمة لتتحقق نبوءة العرافة «فانغا» أسئلة شائكة وموغلة في غياهب الآتي تُحيط بالعالم اليوم، فهل أمريكا قبل ترامب ليست أمريكا بعده ؟فالأغبياء أيضا يصنعون التاريخ.