د. عبدالواحد الحميد
حزنت عندما علمت أن نقص الحضور في مجلس الشورى قبل عدة أيام تسبب في إسقاط توصيتين للاهتمام بالمرضى النفسيين وتقديم العلاج والرعاية لهم. وليست القضية الأهم هي غياب بعض أعضاء مجلس الشورى، رغم أهميتها، وإنما الأهم هو أن يتسبب هذا الغياب في سقوط توصيتين تتعلقان بموضوع مهم للغاية وهو الوضع المأساوي للكثير من المرضى النفسيين الذين هم بأمس الحاجة للرعاية والعلاج.
لا أعلم ما حدث بعد ذلك، فربما أن المجلس حقق النصاب في جلسة لاحقة وأقر التوصيتين، لكن المؤكد أن المرضى النفسيين بحاجة شديدة لمن يتبنى قضيتهم، فهم فئة تكاد تكون منسية وتقع على هامش نظامنا الصحي.
فالمريض النفسي لا يلقى العناية اللازمة، فيتحول أحياناً إلى عبء كبير على نفسه وعلى أسرته وعلى المجتمع. وبعض المرضى النفسيين المحتاجين للعناية يتم تسريحهم من المصحات النفسية بعد فترة من العلاج لكنهم ينتكسون بعد ذلك ويعودون إلى حالتهم السابقة وربما أسوأ مما كانت حالتهم عليه.
وهناك أيضاً المدمنون الذين هم ضحايا تجار المخدرات. هؤلاء تتدهور حالتهم الصحية وقد يفقدون قواهم العقلية بسبب الإدمان ويصبحون بأمس الحاجة للرعاية والعلاج.
من المؤسف أن مستشفياتنا لا تملك المرافق الكافية لتقديم العلاج والدعم اللازمين، وقد كانت إحدى التوصيتين اللتين قُدُّمِتا للمجلس تنادي بإنشاء أقسام لمعالجة المرضى النفسيين وأجنحة لتنويمهم وتخصيص ما يعادل خمسة بالمائة من أسِرَّة المستشفيات لهم.
ومن المؤسف أيضاً أن النقص الشديد في المرافق الصحية التي تعنى بتقديم الرعاية والعلاج للمرضى النفسيين أوجد سوقاً رائجة للدجالين الذين يبيعون الوهم لهؤلاء المرضى. وبالطبع لا أحد يلوم هؤلاء المرضى حين ينساقون خلف الدجالين، فالمريض كالغريق يتعلق بقشة!
مطلوب من وزارة الصحة بذل المزيد من الاهتمام لهذه الفئة المحتاجة، فكل المؤشرات تدل على أن الأمراض النفسية بازدياد بسبب الضغوط التي يتعرض لها الإنسان في هذا العصر ولم تواكب هذه الزيادة في أعداد المرضى زيادة ملموسة في المرافق المخصصة لهم في مستشفياتنا أو إنشاء المزيد من الأقسام ومن المستشفيات الجديدة.