فهد بن جليد
كنت أتوقّع أن السكن والوظيفة هما القضيتان الأهم، اللتان تشغلان بال الشباب السعودي من الجنسين، ولكن استطلاعات الرأي التي تقوم بها بعض الشركات ومراكز البحث الخاصة لها رأي آخر؟ عندما قفزت تحديات أهم للواجهة مثل ارتفاع تكاليف المعيشة الذي جعل المتزوجين والعزاب ضحايا الديون المالية، ومعدلات العنف والجريمة بين الشباب.. إلخ كما نشرت (مجموعة بوسطن عام 2014م تحت عنوان أهم 5 قضايا تواجه الشباب السعودي)، وهذا يؤكّد أن التغيير الذي يطرأ على أي مجتمع لا يمكن قياسه دون استخدام أساليب قياس علمية، من جهات مُتخصصة !
المسح الاستطلاعي، وقياس الرأي، ومعرفة وجهة نظر المجتمع تجاه قضية ما، وتحديد الأولويات.. إلخ مؤشرات هامة ومرتكزات أساسية سواء لصانع القرار، أو للمتعاملين مع شرائح المسح، وللأسف تنقصنا في المملكة الكثير من المراكز المحترفة للقيام بهذه المهمة، والتي ستغيّر مفهومنا وطرق علاجنا للعديد من قضايانا المجتمعية والشبابية المتغيِّرة، وهي مسألة ضرورية وحتمية خصوصاً ونحن نسابق الزمن لنتفوّق على الظروف المحيطة لنحقق رؤيتنا وأملنا الوطني 2030، واستطلاع الرأي ومعرفة توجهات المجتمع وشرائحه في الكثير من القضايا المجتمعية والحياتية والاقتصادية أمر لازم برأيي.
العالم العربي يتخوّف سابقاً من كلمة (الرأي العام)، وهناك شعور سائد بأنها ليست لنا، بل هي لمجتمعات العالم الأول، وأمام مستجدات التقنية وسهولة استخدامها، وسرعة تأثير أدوات التعبير، وشغف المواطن والشاب العربي والخليجي تحديداً للمشاركة في كل القضايا المطروحة، والتعبير عن وجهة نظره، التي تشكّل جزءاً من الرأي العام تجاه قضية معينة، أصبحنا أكثر المجتمعات نشاطاً بالمشاركة الفاعلة، مما يجعل قياس الرأي عبر هذه التقنيات سهلاً جداً، وإن كانت غير دقيقة، ويمكن التلاعب بها تقنياً..، وهو ما تحاول بعض الجهات الإعلامية الغربية المأجورة تطبيقه تجاه بعض قضايانا المجتمعية.. إذاً ما الحل؟!
برأيي أن دعم مراكز الاستطلاع والقياس المحلية، وتنشيط دورها، وتفعيله أكثر وتشجيع الناس على المشاركة فيها، سيقطع الطريق على كل المحاولات البائسة المشكوك في نواياها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لأن المراكز المعتمدة على الأرض ستسد الفراغ حتى في العالم الافتراضي، وستقدِّم لنا الرأي العام الحقيقي كما هو دون تزييف..!
وهو التحدي الذي يهمنا لنطوِّر من أنفسنا أكثر، ونقبل بوجهة نظرنا الحقيقية حول قضايانا بدلاً من انتظارها مُزيَّفة من الآخرين، أو الاعتماد على نتائج استطلاعات تويتر التي ملأت الآفاق كذباً ودجلاً..!
وعلى دروب الخير نلتقي.