د.عبدالعزيز العمر
لعل أهم ما يحققه التعليم للطلاب وللوطن في النهاية هو تعزيز انتمائهم لوطنهم، بعد أن يتجاوز بهم الانتماءات الضيقة، كالانتماء إلى مذهب أو قبيلة أو منطقة. لا شيء يدمر الوطن مثل تشرذم أبنائه تحت قبائل أو مناطق أو مذاهب مختلفة، ولا شيء يعزز تماسك ووحدة هذا الوطن مثل جعل الوطن المظلة الوحيدة التي يستظل بها مواطنوه. الشعر والشعراء، والوعظ والوعاظ، والكتاب لا يمكن الاعتماد عليهم في تعزيز هذا الجانب، الاعتماد يجب أن يكون بعد الله على تعليم نوعي حقيقي فعال يأخذ بأحدث اساليب التعليم المتوافقة مع العصر. في هذا الشأن دعوني أذكر لكم حادثتين أثارت قلقي. عندما كنت أحد مسؤولي وزارة التربية والتعليم زرت مدرسة ثانوية في إطار عملي التربوي، وصادف أن كان وقت زيارتي للمدرسة هو وقت الاستراحة (الفسحة)، ولاحظت أثناء تجوالي بصحبة المدير أن طلاب المدرسة يتحلقون في دوائر متباعدة تملأ فناء المدرسة، عندئذ فاجأني المدير بقوله: إن كل حلقة تراها أمامك تمثل في الغالب قبيلة واحدة. كدت حينها أن انفجر أسفا وحزنا على هذا الحال، لكوني أدرك تماما خطورة مثل هذا الأمر على الوطن. يفترض في التعليم أن يصهر الخلافات القبلية والمذهبية والمناطقية، ليصنع المواطن المنتمي لوطنه فقط وفق معايير يعرفها التربويون. أما الحادثة الثانية فذكرها لي زميل يعمل معلما في أحد أحياء مدينة الرياض، يقول المعلم الزميل توجه إلي طالب في الصف الثالث الابتدائي مشتكيا بقوله إن هناك من سرق قلمه، يقول المعلم: سألت الطالب من تعتقد من سرق قلمك، حينها صعقني الطالب بقوله: إني أتهم (وذكر اسم قبيلة بدلا من ذكر اسم طالب).