هاني سالم مسهور
تعتبر معاهدة الطائف 1934م بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتوكلية اليمنية حجر الزاوية في العلاقة السياسية التي تربط البلدين، اليمن الذي يمثل عُمقاً للجزيرة العربية عاش منعطفات شديدة منذ تلك المرحلة بداية من ثورة سبتمبر 1962م وسلسلة متواصلة من الصراعات السياسية الداخلية التي عرفتها الجمهورية العربية اليمنية شمالاً وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية جنوباً، ولم يكن العام 1990م سوى واحد من تلك المنعطفات الأكثر حدةً بداية من وحدة الشمال والجنوب اليمني ووصولاً للموقف السياسي الذي أعقب غزو العراق للكويت.
وفيما كانت العلاقة السعودية مع اليمن تعيش فترات مختلفة سياسياً بين اشتداد وارتخاء كنتيجة طبيعية للصراعات السياسية الداخلية في اليمن كان السعوديين يدركون أن عليهم توفير الاحتواء الممكن لليمن كجزء من منظومة الجزيرة العربية ولاعتبارات أكثر عُمقاً تراعي تداخل القبائل والسكان، فكان المجلس التنسيقي بين الرياض وصنعاء شكلاً من الأشكال التي تدعم اليمن في جوانب اقتصادية وصحية وتعليمية، وكذلك ارتبط اليمن الجنوبي قبل الوحدة بدولة الكويت.
الاهتزازات السياسية في اليمن بلغت ذروتها في توقيت يبدو سيئاً جداً، فاليمن كان قد تقدم بطلب عضوية الانضمام لدول مجلس التعاون الخليجي، وبرغم اختلاف الأنظمة السياسية لم تجد دول الخليج العربية موانع من مصارحة اليمن بوجوب تحسين أوضاعه الاقتصادية، وتم ضم اليمن لعضويته في عدة نطاقات صحية وتعليمية ورياضية في خطوة تؤشر على إمكانية تأهيله لمرحلة لاحقة يكون فيها قادراً على التعاطي مع متطلبات التحديات التي تخوضها دول الخليج العربية في مستويات الدفاع المشترك والارتباطات الاقتصادية العالية بين عواصم هذه الدول.
وقع اليمن في (فخ) الفوضى التي حلت بالعالم العربي عام 2011م وتدخلت المنظومة الخليجية عبر المبادرة التي عملت على فض الاشتباك بين أطراف النزاع اليمني، وانزلق اليمن في سبتمبر 2014م في انقلاب وفرت له إيران كل مسوغات العبث، وأدخلت اليمن في إشكالية تتجاوز الأزمة اليمنية التي كانت تتمحور بين فساد اقتصادي وقضية جنوبية إلى أزمة مُركبة ترتبط بتدخلات تُشكل خطراً حقيقياً على الأمن القومي العربي.
الإجابة على التساؤل حول إن كان لدى السعوديين مشروع في اليمن يتضمن واقعية الامتداد لمرحلة التأهيل الاقتصادي السابقة للتدخل العسكري الذي جاء في 26 مارس 2015م رداً عن ظلم الانقلابيين على اليمن دولةً وحكومةً وشعباً، هذا التدخل الذي كان بصبغة عربية قدم الغوث للشعب في كل جزء من اليمن حتى في معقل الحوثيين صعدة، ولذلك فإن المشروع الحالي هو إعادة اليمن للحضن العربي، ثم مساعدته في معالجة الأزمة السياسية وإعادة الشرعية ثم يأتي الدور على اليمنيين أنفسهم لتقديم أنفسهم كشريك في الأمن والاستقرار للجزيرة العربية، هذا ما سيعطي دول الجوار ثقة في التعاون مع اليمن الخالي من أزمات طائفية وانتماءات حزبية ليساهم مع دول الخليج العربية في تحديات التنمية ويكون جزءاً من منظومة الدفاع العربي المشترك، فالإجابة عند اليمنيين أنفسهم على عنوان يتقاذفه أبناء اليمن شمالاً وكذلك جنوباً.