د. محمد عبدالله الخازم
التطورات التي حدثت للقطاع الصحي على مستوى المملكة كبيرة، وعلى الرغم من ذلك ما زالت هناك تحديات عديدة أمام هذا القطاع وأهمها عدم قدرته على مواكبته النمو السكاني والتوقعات المطلوبة منه التي فرضها ارتفاع مستوى الوعي والتعليم والثقافة. ومما يتصف به القطاع الصحي لدينا تعدد مرجعياته ضمن عشر قطاعات أو أكثر، تتعاون في قضايا فرعية، لكنها لم تصل إلى مستوى إيجاد استراتيجية موحدة متكاملة بينها!
أحد أهم المشكلات الراهنة تتمثل في حجم الخدمات؛ عدد المستشفيات والأسرة وتوزيعها بمختلف المناطق. وزارة الصحة عانت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة في إكمال مشروعاتها المفترضة أو التي بدأتها، وفي نفس الوقت بعض القطاعات الحكومية الأخرى لديها إسهاماتها في هذا الشأن، وبنسب تعثر أقل، وبعضها تميز نوعًا وليس حجمًا. الفكرة التي أطرحها اليوم تتمثل في زيادة إسهام مختلف القطاعات في حجم الخدمات الصحية. حاليًا تتولى وزارة الصحة تقديم ما نسبته 60 في المائة من الخدمات الصحية تقريبًا والقطاعات الحكومية الأخرى تقدم حوالي 20 في المائة والباقي يقدمه القطاع الخاص، فماذا لو قمنا بزيادة مساهمات القطاعات الأخرى كوزارات الدفاع والحرس الوطني والداخلية والجامعات في مشروعات الخدمات الصحية لتصل إلى 30 في المائة أو أكثر خلال السنوات القليلة القادمة مستفيدين من خبراتها المتميزة؟
ليس بالضرورة مشروعات جديدة، فالأمر قد يبدأ من تطوير المشروعات القائمة أو التي في طور التنفيذ من قبل مختلف الجهات لتصبح ذات بعد وطني وليس بعد يخص القطاع المعني وحدة.
على سبيل المثال؛ بدلاً من أن يكون المستشفى العسكري بتبوك مجرد مستشفى لا يعمل بكامل طاقته وخدماته محدودة يمكن تطويره ليصبح مدينة طبية متكاملة لا تقل عن المستشفى العسكري بالرياض. وبدلاً من تأسيس مستشفى تابع للحرس الوطني بالدمام لا تزيد سعته عن مائتي سرير يمكن جعله تخصصيًا بستمائة سرير. وبدلاً من أن تؤسس جامعة الباحة مستشفى ثلاثمائة سرير يمكنها تطوير مدينة طبية تحوي مستشفيات تخصصية، وهكذا يجب أن تكون لدينا خريطة وطنية صحية ويكلف كل قطاع بتطوير خدماته بما يحقق تنفيذ تلك الخارطة. بل أرى أنه لا مانع من تسليم وزارة الصحة بعض مشروعاتها لجهات أخرى لإكمالها.
المطلوب هو تأسيس خريطة وطنية صحية لكل منطقة ومن ثم تحديد ودعم الجهة الأقرب أو الأقدر على تنفيذها، سواء كان جامعة المنطقة أو الحرس أو الدفاع أو غيرها من الجهات. أقترح على مقام مجلس الاقتصاد والتنمية تبني الفكرة وتحديد مسؤولية كل جهة أو قطاع فيها، باعتبار الصحة هم وطني معنية به جميع القطاعات المعنية وليس مجرد هم وزارة الصحة. سيكون مثاليًا في المستقبل لو تم ذلك تحت مظلة هيئة تنظيم الخدمات الصحية التي سبق أن اقترحتها في مقال سابق.