يوسف المحيميد
حينما أرجع وزير العمل سبب ارتفاع معدل بطالة السعوديين إلى 12.1 % في الربع الثالث من هذا العام 2016 إلى سببين، لا ثالث لهما: ضخ الجامعات خريجين جددًا إلى سوق العمل، وتوقف بعض المشاريع، والمقصود بها المشاريع الحكومية، فهو لم يأتِ بجديد؛ لأن الجامعات المنتشرة في مختلف أنحاء المملكة، التي تزيد على أربعين جامعة، تضخ سنويًّا ما يقارب 130 ألف خريج، وهذا أمر متوقع. أما السبب الثاني - وهو توقف بعض المشاريع الحكومية - فهو ما يؤرقنا فعلاً. لا أعني توقف بعض المشاريع يؤرقنا؛ لأن هذا طبيعي في كثير من الدول، خاصة مع مراجعة جدوى بعض المشاريع وأهميتها، ومع ظهور الأزمات الاقتصادية في معظم دول العالم، لكن ما يؤرق حقًّا هو أن يعيش القطاع الخاص، ولعقود طويلة، عالة على الحكومة، ويعتمد في نشاطه وخموله على الإنفاق الحكومي، ويتضرر بمجرد أن تقلل الحكومة من إنفاقها!
ما أعرفه جيدًا، ومنذ ثمانينيات القرن الماضي، أننا نتعامل مع الوظائف الحكومية التي يشغلها أجانب كوظائف شاغرة، يتم تعيين المواطن عليها فورًا عند تخرجه، فإذا كان القطاع الخاص يعتاش على إنفاق الحكومة لماذا لا تعامله الحكومة بالمثل، بحيث تتعامل مع وظائفه المشغولة بأجانب كوظائف شاغرة؟ ويشغل المواطن هذه الوظائف بمجرد أن يمتلك الحد المطلوب من التأهيل بعيدًا عن ألاعيب الخبرة المطلوبة، وبعيدًا عن ادعاءات أن القطاع الخاص ليس وكالة ضمان اجتماعي؛ لأن معظم أرباحه من الإنفاق الحكومي!
وقد كتبت مرارًا في هذه الزاوية عن معاناة المواطنين في شركات، يهيمن عليها موظفون من جنسية عربية محددة، فيجعلون من المواطن غريبًا في وطنه، حتى يتم «تطفيشه» بأساليب ماكرة وغير شريفة، فيخرج من الوظيفة مضطرًا، ويصطف في طابور البطالة، فلماذا لا تتحرك وزارة العمل، وتفرض هيبتها كما كانت زمن «القصيبي»؟ لماذا لا تحمي المواطن في هذه الشركات التي تمتص خيرات هذا الوطن؟ لماذا لا تخصص له إدارة، أو حتى وكالة كاملة، مختصة بتوظيف وحماية المواطنين، تعمل على حماية حقوقهم الوظيفية، وتتقشف في المقابل في ضخ تأشيرات استقدام المزيد من الأجانب، خاصة في المجالات الإدارية والمحاسبية التي يحمل شبابنا فيها مؤهلات جيدة، لكنهم مجرد أرقام جديدة في معدل البطالة!