عبدالحفيظ الشمري
تردي الخط العربي وضعفه لدى جيل اليوم يُعد مؤشراً واضحاً إلى أن هناك تساهلاً ما في تطبيقات ومعايير كتابة الخط، وغياباً واضحاً عن التشجيع والمتابعة، وفرز المواهب، وتفريط غير مسبوق بأسس ومنهج الكتابة العربية ومظهرها، في المجال التعليمي، وخلو المشهد من إستراتيجية متكاملة تحقق الأهداف المرجوة من سلامة الخط وبقائه نقياً.
كل هذه الإشارات، والملاحظات تؤكّد أنه من الضروري عودة مادة الخط العربي إلى مكانتها في الجدول المدرسي، لعلها تنقذ ما يمكن إنقاذه من هذه التجارب التي تترنح وتتخبط؛ فالخط لدى الطلاب سيئ بالفعل، ويخلو من أي مضمون أو قاعدة، فقد وصفه أحد الباحثين بأنه مجرد تصوير ذهني لشكل الحرف دون روح أو إبداع، أضف إلى ذلك ندرة التجارب الفنية والحروفية التي يمكن أن تسهم في الرفع من ذائقة الكتّاب عموماً، والطلاب بوجه خاص.
فقضية ضعف الخط العربي لدى طلاب المدارس والجامعات، بل وكثير من المعلمين، والموظفين، والكتّاب هي قضية الجميع؛ ويجدر بنا التعاون من أجل العودة بهذا الفن الجمالي الراقي في حياتنا العلمية والعملية.
وأولى هذه المحاولات لتحسين الخط لدى الطلاب في مراحل التعليم الأولى ضرورة أن يكون هناك اهتمام باللغة العربية، ومادة التعبير، والرسم؛ حيث تم إلغاء وتحجيم هذه المواد دون معرفة الأسباب؛ مما تسبب في ضعف الذائقة القرائية، والابتعاد عن الكتابة السليمة التي تحقق المتعة والفائدة.
ورغم أننا نعرف جميعاً أن الخط اليدوي هو موهبة من الله، إلا أنه من الضروري أن يكون هناك اهتمام ومتابعة للمساعدة على تشجيع هذه المواهب، وتقديم النصح والمشورة لمن يسعون إلى تحسين أدواتهم وتطوير ملكاتهم في الخطوط والرسم، بل إنها فرصة لمزيد من العطاء والمتابعة، لأنه حقيقة حينما ابتعد التعليم العام عن الاهتمام بمواد الخط والتعبير والرسم لم يعد هناك تطور أو تفاعل في مجال جماليات الخط وفنونه.
من هنا يمكن لنا أن نلمح ظهور بعض الآثار السلبية لضعف الخط، والجهل بأبسط قواعده ومضامين كتابته السليمة؛ إذ بات يقترب مستوى الكتابة أو الخط لدى طالب في الصف الثالث في المرحلة المتوسطة مع مستوى طالب في الصف الثالث الابتدائي؛ وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها، أو تجاهلها في هذا الشأن.
فمن أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من جمال وبهاء كتابة الخط العربي فإننا نحتاج حقيقة إلى عودة هذه المادة الحيوية والمهمة إلى المدرسة، ومن ثم السعي إلى اكتشاف المواهب، وتطوير القدرات، وأن يكون معها عودة لمادة التعبير، وتطوير فعلي لمادة التربية الفنية «الرسم» والذي يعد سنداً لمثل هذه الأعمال الجمالية.. لعل وعسى أن تعود الذائقة إلى جيل الشباب، وأن يكثر الاهتمام بلغتنا ومكوناتها الحيوية في الشكل والمضمون.