خالد بن حمد المالك
ولا بد من القول بأن مواجهة نقص الإعلانات، وما يتبعه من تراجع في إيرادات الصحف، وتأثير ذلك على متطلبات والتزامات الإنفاق على تطور الصحف، إنما يكون بالترشيد المتوازن، حتى لا يفضي تواضع المساحات الإعلانية في الصحف إلى تدني مستوياتها.
* *
قد تلجأ الصحف - وهذا حدث - إلى تسريح بعض العاملين فيها، وخفض عدد صفحات الصحيفة، والتقليل من الكمية التي تطرح للبيع في الأسواق، وكل هذا سيكون على حساب جودة مستوى الصحيفة، وبالتالي هروب القراء من متابعتها.
* *
التحديات كثيرة، وقد تؤثر على المفاصل المهمة في كل صحيفة، كأن تبحث الصحف أو بعضها عن جهاز صحفي وإداري وفني عناصره متواضعة الكفاءة والخبرة والإمكانات، وتتعامل معهم بالأجور والمكافآت غير التي اعتادت عليها أجهزة الصحف على مدى سنوات مضت.
* *
وأخشى ما أخشاه، أن تُقفل أمام المؤسسات الصحفية كل فرص المعالجة الصحيحة لما تواجهه الآن، فهذه الأزمة وبهذه السرعة ربما تكون قد فاجأت المؤسسات الصحفية، إذ إن كثيراً من الدراسات والقراءات لما سيؤول إليه الحال بمثل ما يحدث الآن في الصحافة الورقية، كانت تعطي مهلة قد تصل إلى عشر سنوات، وهي فترة زمنية كافية للتفكير ببدائل وخطوات استباقية مناسبة، غير أن ما حدث ويحدث يخالف هذه الدراسات.
* *
المشكلة أن انخفاض حجم الإعلان في الصحافة الورقية، لم يقابله إقبال إعلاني مشجع على المواقع الإلكترونية للصحف، أو حيث توجد لدى المؤسسات الصحفية منتوجات إلكترونية، وإنما هو غياب غير مفهوم للإعلانات عن كل الصحف الورقية والإلكترونية معاً، ما يثير الاستغراب، ويحفز المؤسسات الصحيفة على دراسة الأزمة والبحث عن علاج لها.
* *
ربما لاحظنا أن بعض الصحف بدأت في مواجهة أزمتها بالاستغناء عن بعض العاملين والكتَّاب فيها، ممن لا يشكل غيابهم أثراً على مستوى الصحيفة، غير أن ما سيوفره ذلك الإجراء من إنفاق لا يمثل شيئاً كبيراً أمام ما كانت الإعلانات تدره من إيرادات، وبالتالي، فإن أثر مثل هذا الإجراء سوف يكون محدوداً.
* *
صحيح أن المؤسسات الصحيفة الكبيرة كانت على مدى سنوات تحقق أرباحا سنوية كبيرة يتم توزيعها على ملاك الصحف بعد استقطاع جزء منها للتطوير ودعم وتشجيع العاملين، وكل هذا كان يتحقق بفضل حجم الإعلانات التي كانت تستحوذ عليه الصحف، غير أنه مع تغير الوضع أصبحت المؤسسات الصحفية الآن لا تبحث أكثر من أن تكون إيراداتها قادرة على الوفاء بالتزاماتها، والمحافظة على مستويات ما يصدر عنها من صحف.
* *
المهم، أن نعترف بأن هناك أزمة حقيقية، وأن المعالجة ينبغي أن تبدأ من الآن، وذلك بالبحث عن حلول لها، ومواجهة الواقع بشيء من الإجراءات التي لا تمس مستوى الصحف الورقية وانتشارها، وذلك قبل الانتقال إلى مرحلة الصحف الإلكترونية عندما يكون وجودها حقيقياً وواقعياً.
يتبع...