عبدالله العجلان
تعيش الكرة السعودية هذه الأيام وبعد إعلان لجنة الانتخابات تحديد سباق الوصول لكرسي رئاسة اتحاد الكرة بالمترشحيْن سلمان المالك وعادل عزت وحتى موعد تصويت الجمعية العمومية وانتخاب رئيس أعضاء مجلس جديد للاتحاد السعودي لكرة القدم في 31 ديسمبر القادم، تعيش أجواء إعلامية صاخبة جلها مُسخَّر لمصلحة طرف على حساب آخر، سواء بترتيب مسبق ودعم إعلامي منظم أو لمجرد الاصطفاف بسبب الميول المستحوذ على عقول وأطروحات الكثيرين، شخصياً أنا مع تسخين مثل هذه في الحدود المسموح بها مهنياً، ومتى ما كانت تهدف للوهج الإعلامي والإثراء الانتخابي، لا أن تتحول هذه القناة أو ذلك البرنامج أو تلك الصحيفة إلى بوق للمترشح، وبالتالي تفقد أو يفقد هذا الإعلامي مصداقيته وأيضاً تأثيره وإقناعه..
في هذا الجانب.. الأمر عند بعض الإعلاميين لم يتوقف عند تلميع وتحسين صورة طرف دون آخر بل تجاوزه إلى التفرغ لشنِّ حملات اتهام وتشكيك ونشر مغالطات وأكاذيب لتشويه المرشح المنافس، وهذه الأساليب فضلاً عن كونها مذمومة وغير لائقة إعلامياً وأخلاقياً فهي كذلك تتنافى مع أدبيات وفنون العملية الانتخابية، على اعتبار أنها تصدر من جهات مستقلة وحتى لو كانت ضمن حملة أحدهما فمن المفترض أن تكون واضحة ومعلنة ولا تلجأ إلى إيذاء ومهاجمة الآخر والافتراء عليه..
الأكيد أن ما نسمعه اليوم وما سوف يتردد لاحقاً في موضوع انتخابات اتحاد كرة القدم يأتي في سياق الثقافة السائدة في الوسط الرياضي في فهم التنافس وطريقة التعاطي معه، والمتمثل في الفكرة الشريرة المدمرة (أكره منافسي أكثر من حبي لنفسي)، أي أن من ينتمي لنادٍ ما تجده يكره النادي المنافس ويعمل على إسقاطه والتآمر عليه ويفرح لهزائمه أكثر وأهم من تخطيطه وتفكيره وبذله وعمله لفائدة ناديه، وهذا للأسف ساهم في تعطيل مسيرتنا الرياضية، حينما تركزت جهود الكثيرين حول مفهوم عرقلة المنافسين وتشويه صورتهم والإساءة لهم وليس الحرص على تطوير الذات أو النادي أو أية الجهة التي ينتمون لها..
كل ما نتمناه سواء مع عادل عزت وسلمان المالك أو مع غيرهما في حالة نجاح أحد المستبعدين في استئنافه هو أن يرتقي الجميع بأنفسهم ويتخذوا قراراتهم وفق قناعاتهم وفي نفس الوقت احترام منافسيهم والابتعاد عن الأساليب الغوغائية الفجّة التي يظنون أنها تسيء لخصومهم بينما الواقع يؤكد أنها تحرجهم وتقلل من قيمتهم ومصداقيتهم وشرف منافستهم..!
وعند زلاتكو الخبر اليقين!
عرف الجمهور السعودي الكرواتي زلاتكو داليتش مدرباً ناجحاً في الدوري السعودي أثناء إشرافه على فريق الفيصلي في الفترة ما بين منتصف 2010م وحتى نهاية الموسم الكروي 2012م وحصل خلالها على ما أذكر على جائزة أفضل مدرب، انتقل بعدها لتدريب أولمبي الهلال ثم أصبح مدرباً للفريق الأول بعد الاستغناء عن المدرب الفرنسي كومبواريه وحقق مع الهلال في نهاية موسم 2013م كأس ولي العهد، ورغم هذه السيرة التدريبية الناجحة إلا أن إدارة الهلال قررت إلغاء عقده ليتولى بعد ذلك تدريب فريق العين الإماراتي في الموسم الكروي 2104م وما زال، حقق العين تحت إشرافه أربع بطولات من بينها بطولة دوري الإمارات للمحترفين موسم 2015م إضافة إلى نتائج الفريق القوية في بطولة آسيا وقد توّجها مؤخراً بالوصول إلى نهائي آسيا وقدم في الذهاب أمام تشونبوك الكوري مباراة كبيرة كان الأجدر والأقرب للفوز أو على الأقل التعادل، ويرى العيناويون أن زلاتكو هو أفضل مدرب مرّ على فريقهم الكروي إلى جانب المدرب الفرنسي الراحل ميتسو..
ذكرت حكاية المدرب زلاتكو لتتأكدوا من حجم الفوضى والتخبط وأننا فعلاً نعاني في أنديتنا من غياب الفكر الكروي والعمل المؤسسي، وحتى تدركوا الفارق بين إدارة العين التي ما زالت متمسكة به إلى أن أصبح اليوم أحد المدربين البارزين والمتميزين على مستوى القارة الآسيوية، وإدارة الهلال التي فرطت به بقرار مزاجي أو بتدخل غير مسؤول من شخص مؤثر، الأمر الذي كلف الهلال الشيء الكثير سواء بتعداد المدربين خلال الفترة التي أعقبت إلغاء عقده وكذلك الخسائر المالية الضخمة المترتبة على هذه القرارات، أو بالتأثير السلبي على فريق الهلال وعدم استقراره فنياً، وبالتالي انعكاس هذا على نتائجه..
ما حدث بين الهلال والمدرب زلاتكو تكرر ويتكرر مع غيره من المدربين وفي غالب أنديتنا، ولنا في إلغاء العديد من مدربي دوري جميل والدرجة الأولى الدليل الواضح على أن إدارة كرتنا السعودية على صعيد الأندية والمنتخبات بحاجة ماسّة لمن يملك الفكر الكروي أهم من أي عوامل ومتطلبات أخرى إدارية أو مالية، خصوصاً في ظل الديون المتراكمة والأزمات المالية المتتالية، إلى جانب أهميته مستقبلاً حينما يتم تخصيص الأندية..