يوسف المحيميد
منذ عقود طويلة تعاني الدول العربية من عدم توفر إحصاءات دقيقة تساعدها في وضع خططها الاستراتيجية للمستقبل، مما يجعلنا - بكل أسف - نستخدم إحصاءات الغرب والشرق فيما يخص دولنا، دون أن نملك حق تصديق أو تكذيب هذه الإحصاءات، وعلى سبيل المثال، نشر مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي أن ثمة تغيرا كبيرا في نسب الولادة خلال العقد الأخير ما بين اليهود والعرب في فلسطين، الأمر الذي تمثل بتقليص الفوارق لصالح اليهود.
وبينت المعطيات أن متوسط ولادة الأم العربية انخفض إلى 3.17 طفل مقابل 3.11 طفل العام الماضي، وذلك في انقلاب كبير عن النسب التي كانت في العام 2000 حيث كانت النسبة في حينها 4.3 طفل لدى الأم الفلسطينية مقابل 2.6 للأم اليهودية!
كلنا ندرك حجم الصراع الديموغرافي في فلسطين، بكل الإجراءات التي تفرضها سياسة الاستيطان الإسرائيلي، من بناء مستوطنات، وتهجير قسري وخلافه، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل أظهرت دراسة حول الدول الأكثر سعادة في العالم، وهي دراسة سنوية يصدرها المنتدى الاقتصادي الدولي، أن إسرائيل جاءت في المركز الحادي عشر، وقبل ترتيب الولايات المتحدة وفرنسا، مما يعني إشارة جاذبة لملايين اليهود الأمريكان، ومئات الآلاف في فرنسا وغيرها من دول أوروبا، ودعوتهم إلى الهجرة إلى دولة الاحتلال السعيدة، رغم الصراع المستمر وفقدان الشعور بالأمن في دولة محتلة!
هذا الصراع الديموغرافي، وبعد أكثر من سبعة عقود من الاحتلال والقمع، وفي ظل غياب الدراسات والإحصاءات العربية، وغيابنا - بل موتنا- إعلاميا، قد يحدث المزيد منه، ليس في فلسطين وحدها، بل في كافة الدول العربية، فما يحدث في العراق وسوريا، وبتدخل أجنبي، لهو أكبر دليل على ما ينتظرهما من عبث وتغيير في التشكيل الديموغرافي، وربما لغيرهما من الدول العربية!