م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - المؤرخ الطائفي هو الذي لا يصف الأحداث ولا الأماكن ولا الأجواء ولا البيئات من منظور موضوعي محايد، إنما يعبر عنها بما يحمله من مواقف تجاهها.. فهي التي تصيغ أفكاره فتظهر فيها أهواؤه ومصالحه.. فيُكْسِب تدويناته وتأويلاته قصصاً وخيالات يوظفها لصالح الطائفة مهما احتاج الأمر إلى لي ذراع الحقيقة أو ادعائها أو تزويرها.
2 - المؤرخ الطائفي لا يستطيع أن يزوِّر التاريخ إلا على أرضية قابلة للتزوير.. تتجمهر عليها أفكار متشابهة وتتلاقى فيها قيم متماثلة.. أو أرضية مجتمعاتها تعاني من حياة عسيرة تعيش صراعات وتواجه قلاقل جعلت علاقات الناس بكل شيء ثنائية الاتجاه إما جذباً أو نبذاً.. وكلهم أمام أفق مسدود.
3 - يستفيد المؤرخ الطائفي من الشخصية التي تبرز وتصبح علامة فارقة تحقق نجومية وتتصف بأنها مثيرة ومحل إعجاب العامة.. فيحولها إلى بطل شعبي أسطوري يثير الانتباه ويجذب القلوب ويحرك المشاعر ويلون المخيلة بالصور.. وهو في كل ذلك كذاب أشر.
4 - التاريخ يصاغ على شكل بداية ونهاية ونتائج.. وهو عبرة لمن اعتبر وأداة تفهيم وتوعية وتوجيه فيها التهديد والتحريض والوعود.. التاريخ الطائفي يحتوي كل هذه العناصر لكن بلغة متعسفة متحيزة لا عقلانية.
5 - المؤرخ الطائفي في تجنيه على مخالفيه يصنع منهم أبطالاً للشر ورمزاً للرعب ومصدراً وهمياً لتهديد المسالمين.. فلا تجد حدوداً فاصلة بين الحقيقة والخيال.. ولا حدوداً لمجال التصرف في بعض أحداث التاريخ وأسلوب عرضها أو شرحها.
6 - المؤرخ هو جامع لمادة ومصنفها وصائغها.. وهو الذي يقوم بدور الحكواتي المسلي، وناقل الأخبار، والشاعر الشعبي، والناشر القصصي، والفقيه المفتي، والمستشار السياسي، والمؤرخ والعلامة.. فإذا كان مؤرخاً طائفياً فسوف يحصر التاريخ في إطار من التصور ودائرة من العلاقات المحددة.. ويبني من خلال الحبكة التاريخية آمالاً ويبتغي أهدافاً ويصور الواقع بشكل مُنتقى مُكيَّف مُعدَّل مُعالج من أجل واقع آخر ينشده.
7 - المشكلة الأخرى في المؤرخ الطائفي المناوئ أنه يمثل موقع الفكر النقيض والمبدأ المعارض.. ويسعى إلى تشويه واستئصال كل تأريخ للآخر.
8 - المؤرخ الطائفي يؤدي دور المدفع المسْتَأجَر.