د. حمزة السالم
نظام التعويم للعملات متعلقٌ باقتصاديات الدول المنتجة. فقيمة العملة دوليا هو ما تمثله من منتجات اقتصادها. أي أن التعويم للعملة هو ربطها بالسلع التي ينتجها اقتصادها. إذا فحقيقة بيع النفط بالريال هو مجرد ربط الريال بالنفط، لأننا لا ننتج إلا النفط. وبهذا سوف تزداد قيمة الريال بارتفاع أسعار النفط لارتفاع الطلب على الريال عالمياً، وستنقص قيمة الريال بانخفاض أسعار النفط لانخفاض الطلب على الريال عالمياً.
والربط بالنفط هو حل نظري لا تطبيقي للسياسة المالية للدول التي يعتمد اقتصادها على النفط، ويدور حول الإنفاق الحكومي أي كحالة اقتصادنا. فنظرياً، لن يعود الإنفاق المحلي- كالرواتب مثلاً- عبئاً على الدولة حين انخفاض النفط. ولن تضطر الدولة لتخفيض الاتفاق أو فرض الضرائب. فدخل الدولة من النفط والإنفاق مرتبط بعدد براميل النفط لا قيمتها.
ولنتخيل المسألة، فكأن الدولة تنفق الرواتب مثلاً ببراميل نفطية. فسيكون راتب أحدنا عشرة براميل نفط مثلاً، فلا يضر الدولة انخفاض سعر النفط. فالراتب لن ينقص وسيستمر عشرة براميل نفطية، فالمعتمد هو العدد لا القيمة. كما أنه لو انخفض الدولار أو ارتفع، فالراتب مثلاً يستمر ثابتاً. فلو كنا ننتج ما نحتاج ونمنع تصديره، فرضاً، فلن يؤثر انخفاض النفط على المشاريع الداخلية.
ولكن تطبيقياً، فالنفط سلعة دولية لا سيطرة لنا على أسعارها، وهي سلعة متذبذبة القيمة مما يجعلها غير صالحة كمقياس قيم السلع الأخرى. فربط الريال بالنفط سيجعل إيجار المنزل مثلاً اليوم ألف ريال وبعد شهر قد تصبح قيمة الألف ريال تساوي ألفين في حال ارتفاع سعر النفط، والعكس صحيح.
وتذبذب السعر يجعل الُمسعر موضعاً للمراهنات، فلا يعود ثمناً. وقد يقال إنه يمكن التحكم بسعر العملة أو تذبذبها عن طريق تدخل البنك المركزي، بما يُطلق عليه مصطلح التعويم القذر، والذي تقوم به كثير من البنوك المركزية، ومنها اليابان في حالة ارتفاع قيمة الين لتخفيض قيمته أمام العملات الأخرى. ولكن هذا لا ينطبق على النفط. فتذبذب أسعار النفط واسعة وشبه مستمرة مما لا يُمكن البنك المركزي من اللحاق بها والتدخل وحصول تأثير التدخل في سوق العملات، مما يجعل ربط أي عملة بالنفط مستحيلاً. وبالتالي فبيع النفط بالريال أمر مستحيل تقنياً لأن بيع النفط بالريال حقيقته تعويم الريال بربطه بالنفط. كما بينت في مقدمة المقال.
وهناك جانب آخر لعدم بيعنا النفط بالريال. فلو افترضنا جدلياً أن سعر النفط أصبح ثابتاً -وذلك عن طريق التحكم في الإنتاج بكوننا نقود السوق النفطية-، إلا أن ثبات سعر النفط الافتراضي لن يبرر بيع النفط بالريال. وذلك لأن بيع النفط بالريال سيكون ليس إلا مجرد بيع للنفط بالدولار، ولكن بزيادة عملية صرف إضافية فقط، فهو مجرد زيادة كلفة محضة. والسبب هو كون اقتصادنا يستورد غالب احتياجاته من الخارج فهو يحتاج للدولار لشراء السلعة أو لشراء العملة الأجنبية التي تباع بها السلعة.