د. محمد عبدالله العوين
تبتهج المنطقة الشرقية هذه الأيام بزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله -، للالتقاء بأبنائه المواطنين وتدشين ووضع حجر الأساس لمشروعات تنموية مختلفة في قطاعات صناعية وبتروكيماوية وسكنية وغيرها، وسيسعد أهالي الدمام والخبر والجبيل والأحساء وغيرها من مدن المنطقة الشرقية الغالية بتفقُّد قائد الحزم والعزم والتنمية أحوالهم وتتويج صروح نهضوية جديدة لمنطقة الخير .
ولئن تحدثت الزيارة الملكية الكريمة عن مضامينها المعنوية العالية المتوهجة حباً وولاءً ووفاءً للقيادة السامية، وصدق انتماء عميق لتراب هذا الوطن وقيمه ومبادئه وغاياته الإنسانية النبيلة؛ فإنها نطقت أيضاً فعلاً وعملاً بما امتدت به يد الخير من مشاريع النهضة الصناعية والسكنية، وما يدفع بعجلة التقدم الوطني واستحداث فرص العمل وفتح أبواب جديدة لمصادر الدخل، تعزز من فرص العيش الكريم وتضمن للأجيال القادمة صروح إنتاج مستمرة ومتواصلة العطاء.
وتأتي زيارة ملك الحزم إلى الشرقية جرياً على عادة ملوك هذا الوطن الكرام؛ وهي عادة رسّخها الملك المؤسِّس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - رحمه الله -، وسار عليها أبناؤه الملوك من بعده على حسب توافر الظروف الملائمة والوقت المناسب.
وفي ظروف سياسية عربية صعبة وحالة اضطراب وفوضى وخراب وتشتت وتدمير، وعدم استقرار وارتباك كبير في مسيرة دول عربية عدة بالجوار شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، تنعم المملكة - ولله الحمد - بنعمة الأمن والاستقرار والطمأنينة ووفرة سبل الحياة الكريمة. وهذا التماسك والتلاحم بين أبناء الوطن مع قيادتهم، يجيء درءاً لما يحاك في الظلام ويدبر في الخفاء من مكايد الأعداء التي تنسج الإشاعات الكاذبة وتهيج النفوس وتثير أسباب الشحناء، وقد أدرك أبناء البلاد قبح وسوء ما تبثه أبواق الشر عبر المحطات التلفازية الطائفية، أو في وسائط التواصل الاجتماعي المنشأة عمداً لبث سموم الفرقة والاختلاف؛ فأبطلوا كيد الأشرار وضربوا أروع الأمثلة في تحمل المسؤولية للحفاظ على أمن وطنهم ومستقبل أبنائهم وأحفادهم، وحماية ما تم إنجازه من بنى تحتية وتنموية في هذا الوطن، خلال ستة وثمانين عاماً من توحيد أجزاء شبه الجزيرة على يد المؤسِّس الكبير - رحمه الله - .
وتكفي الصور الاحتفائية النابضة بالمحبة وصدق الولاء التي تنطق بها الشاشات، وتكفي سلسلة من عطاءات الخير لمنطقة الخير، لرد كل الأكاذيب التي تبثها الأبواق الخائبة عن توقف مشاريع التنمية أو المعاناة من عجز مالي يحول دون تنفيذ ما خطط له سابقاً من مشروعات النهضة الصناعية والخدمية.
والحق أنّ سراً عظيماً من أسرار هذا الوطن الكبير الممتد بجذوره في عمق التاريخ، والضارب بأصالته في أصول تكوين هذه الأمة، يكمن في أنّ التحديات لا تزيده إلاّ قوة وشموخاً، وأنّ التجارب التي يمتحن فيها صموده وعزيمته لا تزيده إلاّ ثباتاً على الحق ودفاعاً عن المبادئ والقيام وتمسكاً عميقاً برسالته التي تشرف بحملها لحماية الحرمين الشريفين وخدمة زائريها، ورفع راية الإسلام وخدمة المسلمين والذود عن أمة العرب ولغتها وثقافتها.
ولقد كان شرفاً كبيراً أن تكون الطلائع الأولى التي حملت مشعل الحق ونبراس الهداية إلى العالم، وقادت رسل المحبة والسلام والتنوير بقيم الخير، هم أبناء هذه الجزيرة العربية منذ أن شعّ نور الإسلام وأشرقت قيمه على هذه الأرض المباركة في مكة والمدينة، وهاهم أحفادهم اليوم في شبه الجزيرة نفسها يستعيدون ذلك التاريخ المجيد ويواصلون استكمال مسيرته الوضيئة.