د. أحمد الفراج
لا زال الرئيس المنتخب، دونالد ترمب، ينتقي أركان إدارته، ويعتبر ترشيحه للجنرال، مايكل فلن، مستشاراً للأمن القومي، وترشيحه لعضو الكونجرس، مايك بومبيو، مديراً لوكالة الاستخبارات المركزية، هما أقوى الترشيحات حتى اليوم، فكلاهما صقر جمهوري، ولهما مواقف صريحة وواضحة من قضايا الشرق الأوسط، وتحديداً من الاتفاق النووي مع إيران، والذي يعتبر الإنجاز الوحيد للرئيس أوباما، إذ يعتبر الصقور الجمهوريون إيران خطراً، ويؤمنون بأنها الداعم الرئيس للإرهاب، في منطقتنا الملتهبة، كما أنهم على يقين بأن إيران لم، ولن تلتزم ببنود الاتفاق، وترمب ذاته، له تصريحات واضحة بخصوص الاتفاق النووي، إذ يرى أنه لن يوقف طموحات إيران لامتلاك هذا السلاح، بل سيؤجله لعشر سنوات، ونستطيع القول بأن ترشيح ترمب لهاتين الشخصيتين يتطابق مع رؤيته حيال هذا الملف، وملفات أخرى بكل تأكيد.
الصقور الجمهوريون، وخصوصاً المحافظون الجدد، يستلهمون في رؤيتهم السياسية تنظير المفكر الأمريكي من أصل ألماني، ليو شتراوس، والذي يرى بأن الشعوب صنفان: أغلبية من الرعاع، وقلة نادرة من القادة، الذين يقودون الرعاع!، كما تنص نظرية شتراوس على أن الزعيم الناجح هو الذي يخشاه الناس، وليس بالضرورة أن يحترموه!، وخلاصة النظرية في الحكم، هي أن هناك حق طبيعي واحد: «هو حق النخبة في حكم العوام، وحق الزوج في حكم زوجته، وحق القلة الحكيمة في حكم الأغلبية»، وعطفا على هذه النظرية، التي يؤمن بها كل صقور الحزب الجمهوري، فإن الاتفاق النووي أمر لا يليق بالإمبراطورية الأمريكية، والتي تحكمها النخب، وتعتبر أقوى دولة على وجه الأرض، خصوصاً في ظل مماطلة إيران، ويقين الصقور الجمهوريين بأنها تستخدم هذا الاتفاق لشراء الوقت وحسب، ويؤكد كثير من المعلقين على أن مراجعة الاتفاق النووي سيكون أولوية لإدارة ترمب.
في الجانب الآخر، فإن الإدارات الأمريكية الجمهورية كانت دوماً، ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تراعي مصالح حلفائها، بدءا بالرئيس ديويت ايزنهاور، مرورا بالرؤساء، نيكسون، وريجان وبوش الأب، وانتهاءً ببوش الابن، وهو الأمر الذي تجاهلته إدارة أوباما، خصوصاً في منطقتنا، رغم الأهمية القصوى لمنطقة الخليج، إستراتيجياً واقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، وتعليقاً على ذلك، صرّح، قبل أيام، مستشار ترمب، مايكل روجرز، لقناة سي إن إن، وقال نصاً:» إن إيران هي الخطر الأكبر بحكم أنها راعية للإرهاب، وسنعمل على الضغط عليها، وتطمين حلفائنا العرب، وهو الأمر الذي لم يفعله أوباما خلال الثماني سنوات الماضية!»، ومع أنه لا يمكن الجزم بأن هذا ما سيحدث، إلا أن القراءة المتأنية للسياسات الأمريكية، خلال النصف قرن الماضي، توحي بأن هناك خللاً كبيراً، اعترى سياسات أمريكا في الشرق الأوسط، خلال فترة أوباما، ونأمل أن يكون إصلاح ذلك في عهد الرئيس ترمب، فكل التصريحات، التي تدلي بها أركان إدارته تسير في هذا الاتجاه، فلنواصل المتابعة.