حمد بن عبدالله القاضي
كنت تطرّقت في جداول خميس سابق إلى شيمة إصلاح ذات البين وبث الألفة بين الناس، وذكرت فيه قصة الشيخ المربي عثمان الصالح - رحمه الله - وإصلاحه بين زوجين بأسلوب لطيف، أعاد العلاقات بينهما.
كنت وعدت أن أروي القصة الثانية المشابهة لأحد الأخيار.. كان هو الآخر يسعى للإصلاح، والتقريب بين المتباعدين أو مَن بينهم خصومة وبخاصة الأقارب والأزواج.
هذه القصة التي تشع بالخير والبياض رواها الأديب الكبير عبدالله خياط، حيث يقول: إنّ هذا الرجل المعروف بمكة المكرمة علم أنّ هناك خلافاً بين شاب وزوجته الشابة فتكدّر خاطره وفكر كيف يسعى بإعادة التواصل بينهم، وبخاصة أنّ الزوج الشاب راغب بالعودة ونادم على ما حصل من خلاف، فما كان من هذا الفاضل - والزوج لا يعلم - إلاّ أن اشترى «هدية» تناسب الزوجة، ولم يعرف بها الزوج وذهب لزيارة والدها بمنزله، وقال له: لقد جئت لزيارتكم حيث طلب مني فلان زوج ابنتك فلانة، أن أسلمكم هذه الهدية لابنتك وقال لي: إنني كنت أود أنا الذي أوصلتها ولكن خشيت أن لا يتم قبول زيارتي، أو يتم رد الهدية، وأكمل رجل الإصلاح قائلاً: إنّ زوج ابنتهم كان مسافراً وذكر زوجته بالخير فاشترى لها هذه الهدية وهو يتذكر إخلاصها وأخلاقها بغضّ النظر عما صار بينهما من خلاف ويضيف المصلح : وجدت الفرصة مواتية أن أطلب من أبيها أن يحث ابنته على العودة لزوجها الذي لا يزال محباً لها وراغباً بإنهاء ذلك الخلاف وبدء حياة جديدة بينهما، وبعدها سلمت الهدية لوالدها الذي تأثر وهو يسمع الكلام عن زوج ابنته، وعندها استشعر الرجل أنّ الأب سيبلغ ابنته بما قال له وهو يعطيها الهدية ويحفزها للعودة لزوجها ثم ودع المنزل، وقال إن هيأ الله ووافقت الابنة فأخبرني لأتواصل مع زوجها ليزوركم ويأخذ زوجته لبيتهما، ومن الغد - كما يروي الأستاذ عبدالله خياط - اتصل والد الزوجة بهذا الرجل وبشّره برضاء ابنته.. وتأثرها بهدية زوجها وبانتظار زيارة زوجها ليأخذها لمنزلهما واتصل الرجل بالزوج وأخبره بما قام به فرحب وسعد بعودة زوجته إليه.
مسعى بسيط ومشرق من هذا الرجل الأريحي أعاد العلاقة بين الزوجين، وأجرى نهر الوفاق بينهما.
= 2=
ليضوع العمر بالوئام
** القلوب رقيقة طيبة مهما غضبت فكلمة طيبة تؤثر عليها، وهدية بسيطة تذهب الخلاف بين أصحابها، وتصرّف جميل يعيد التواصل بينها.
لنحمل الناس على المحمل الحسن.
العمر محدود فلماذا نُضيعه بالخصام.
علينا أن نجعله يتضوّع بالوئام لنرتاح بحياتنا ونجعل الآخرين يرتاحون معنا، وبخاصة من لنا لهم صلة قرابة أو رحم أو جوار أو زمالة .
= 3=
آخر الجداول
للشاعر: يحيى السماوي:-
((لتراب مكة لا لضوءِ الأنجم
تاق الفؤاد وبات في عطش دمي!
حسبي إذا اكتحلتْ بصوت أذانها
روحي, وقبّل طرْف أسودها فمي!
وسعيت سبعاً في ظلال رحابها
وختمت تطوافي برشفة زمزم))