ماجدة السويِّح
محو الأمية الإعلامية من المصطلحات القديمة والحديثة معاً، التي لاقت رواجاً كبيراً في وقتنا الحاضر لمعالجتها، بعد تزايد استخدام الإنترنت في الحصول على الأخبار والتفاعل مع العالم. تعتمد هذه المنهجية على تحليل وتقييم محتوى وسائل الإعلام من قِبل الجمهور، وقد لاقى هذا المنهج الاهتمام من المؤسسات التعليمية الغربية لتعليم الأطفال والمراهقين الأكثر عرضة للخطر لعدم استطاعتهم التفريق بين المصادر، والأخبار والشائعات.
في وقتنا الحاضر يعتمد الغالبية من الناس على الشبكات الاجتماعية في الحصول على الأخبار والتفاعل مع العالم، 88% من الشباب الأمريكي يحصلون على الأخبار من الفيسبوك حسب دراسة أجريت عام 2015، وتقدم بعض الجامعات الأمريكية مناهج لمحو الأمية الإعلامية، والتحقق من مصداقية الأخبار والمعلومات المنشورة، كما تقدم منظمات غير ربحية برامج لتثقيف الآباء والأمهات حول كيفية التحقق وتقييم الأخبار على الإنترنت خاصة لرواد الشبكات الاجتماعية، كما تقدم للأطفال والمراهقين متصفحات آمنة للبحث والاطلاع.
بحسب دراسة حديثة لجامعة ستانفورد، حوالي 82% من طلاب المرحلة المتوسطة لا يمكنهم التفريق بين المحتوى الإعلامي المدعوم برعاية إعلانية، والمحتوى الحقيقي كالأخبار على شبكة الإنترنت، فالغالبية من الطلاب يحكمون على مصداقية الأخبار على تويتر من خلال احتواء الخبر على تفاصيل عديدة، أو الصور الكثيرة المرفقة مع الخبر دون النظر أو الاهتمام بمصدر الخبر.
الواقع أنّ المثقفين والصحفيين المهنيين قد يقعون في الفخ ذاته ولا يستطيعون التمييز بين الأخبار الصحيحة والزائفة، لعدة أسباب تعود إلى الطمع بالظفر بالسبق الصحفي دون التثبت مما نشر عبر الشبكات الاجتماعية، أو التكاسل في عملية البحث والتحري والدقة في نقل الخبر. كشفت دراسة عام 2014 حول تأثير دراسة وسائل الإعلام الاجتماعية على الأخبار، وموثوقيتها عن استخدام الصحفيين المشاركات في وسائل الإعلام الاجتماعية على نطاق واسع على الرغم من عدم موثوقيتها، وبالتالي أصبحت الأخبار أقل موثوقية والسبب يعود لقلة تدقيق الحقائق، وتحرر غالبية الصحفيين من القواعد المهنية على وسائل الإعلام الاجتماعية.
استخدام وسائل الإعلام الاجتماعية للتفاعل مع الجمهور، يمكن أن يؤذي الصورة المهنية للصحفيين، ويؤذي الصورة الذهنية للوسيلة الإعلامية، ويفقدها الاحترام، وقد تورّطت عدة صحف ومواقع إخبارية في نشر أخبار زائفة من الشبكات الاجتماعية تحقيقاً للسّبق دون التثبت من الحقيقة، ولعل أحدث مثال تورُّط صحيفة الإندبندنت وغيرها من المواقع الإخبارية الشهيرة في نشر شائعة عن محطة CNN الإخبارية، بعد تغريدة لسيدة على الإنترنت حول بث القناة لفيلم إباحي بدلاً من برنامجها المجدول، لتجد نفسها تواجه سيلاً من الانتقادات بعد اعتمادها على مصادر مجهولة على تويتر دون التثبت من القصة الخبرية. وفي واقعنا المحلي عشرات بل مئات الأمثلة على اعتماد الصحفيين على مصادر مجهولة أو غير موثوقة في بث مواد صحفية زائفة ومضلِّلة للجمهور.
وأخيرًا.. حتى لا نقع في فخ الأخبار المضلِّلة على الجامعات والمؤسسات الإعلامية، المبادرة في تصميم برامج خاصة لمحو الأمية الإعلامية في عصر الشبكات الاجتماعية للصحفيين والمثقفين، للقضاء على ظاهرة تداول الأخبار الزائفة، والمضلِّلة على الشبكات الاجتماعية.