فيصل خالد الخديدي
عادة ماتكون الأعباء الادارية والعمل الاداري بمجمله قاتل للإبداع ومعطل للمواهب ومستهلك للجهود والطاقات...وقليلاً ما ينجو مبدع بإبداعه من أثقال العمل الإداري ويحافظ على ملكته الإبداعية أو يطورها...وعند الفنان محمد الرصيص الأمر كان أكثر تحدياً وتعقيداً فهو التشكيلي الذي صقل موهبته الفنية بالدراسة الاكاديمية وعمل بها وعلمها لسنوات في جامعة الملك سعود، وفي ذات الوقت كان له الكثير من الأنشطة الإدارية ابتداءً من رئاسته لقسم التربية الفنية بكلية التربية بجامعة الملك سعود لخمسة أعوام وانتهاءً بتنقله بين أمانة ورئاسة مجلس إدارة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون في سنوات ازدهار وتألق لأنشطة وعمل جمعية الثقافة والفنون كعمل منهجي بفكر أكاديمي منظم توسعت فيها الفروع وزادت الأنشطة النوعية وكانت من أكثر الفترات تقديراً للفن والفنانين.
ولم يتوقف بحر العطاء والإنجاز عند الرصيص الفنان على حدود العمل الأكاديمي والإداري بل أمتد للكتابة الصحفية والتأليف في المجال التشكيلي, فكتب المقال التشكيلي في أكثر من صحيفة، وكان محرراً وكاتباً في الصفحة التشكيلية بصحيفة الاقتصادية لأكثر من عامين, وقدم الدكتور الرصيص ثلاثة من الكتب تأليفاً منها ماكان بالتشارك مع الدكتور صالح الزاير وهما كتابي (الفنون التشكيلية والإنسان) و(الفنون التشكيلية والجنادرية)وأنفرد بتأليف كتابه الموسوعي والمرجع المهم في تاريخ التشكيل السعودي (تاريخ الفن التشكيلي في المملكة العربية السعودية) والذي مزج فيه بين خبراته الفنية والأكاديمية والإدارية والتاريخية ليخرج هذا المرجع والوثيقة التاريخية المهمة في مسيرة التشكيل السعودي.
وبالرغم من سنوات العطاء والبذل بين الإدارة والأكاديمية والجهود في التأليف والنشر في المجال التشكيلي الا أن لم يغفل الرصيص فنه ومنجزه التشكيلي فأقام أربعة معارض شخصية وشارك في أكثر من خمسين معرضا محليا ودوليا وله العديد من الأعمال المقتناة والمشاركات الفنية المتنوعة بين اللجان الفنية والاستشارية, مسيرة رمز من رموز التشكيل السعودي والعمل الإداري في المؤسسات الثقافية, حافلة بالعطاء المتنوع المشارب والممتد لأكثر من أربعين عاما, فبمثل الدكتور محمد الرصيص وخبراته يكون البناء والاستشارة في قادم المشاريع الثقافية والفنية والمتحفية وهو المتخصص في نشوء وتطور متاحف الفن والصناعات التقليدية بالمملكة العربية السعودية...فهل يكون ذلك؟