دائما ما تكون فرص توفير العمل في أي دولة، وإيجاد الحلول، ووضع الإستراتيجيات، وتنظيم سوق العمل، هو تحدي لعمل المؤسسات الحكومية، واختبار حقيقي لخفض معدلات البطالة. ولاشك أن تحقيق هذا الأمر يتطلب مشاركة الجهات ذات العلاقة، من القطاعين الخاص والحكومي، لوضع الخطة التنفيذية، والأسس التي يقوم عليها سوق العمل، من خلال البرامج، وسن التشريعات، وتنظيمها، التي من شأنها تسهم في خلق فرص العمل، وإيجاد بيئة ملائمة، تضمن مشاركة القوى العاملة الوطنية في سوق العمل، بكل يسر وفعالية.
وتشهد المملكة كغيرها من الدول، نهضة عمرانية وسكانية، صاحبها زيادة في الطلب على الوظائف، وقلة فرص الحصول عليها، وتجدر الإشارة إلى أن العوامل التي ساهمت في ذلك كثيرة ولعل من أهمها احتكار بعض المهن والأنشطة لغير السعوديين في بعض القطاعات مثل قطاع الاتصالات على سبيل المثال، حيث يشهد هذا القطاع، وجود فرص عمل كثيرة للذكور والإناث، بمختلف المهن، ولكنه كان محتكراً فقط للعمالة ومعظمها من العمالة السائبة، والغير سعوديين، مما استلزم وجود نظام يقتضي بموجبه إلزام أصحاب المنشآت والمؤسسات والمحال التجارية في قطاع الاتصالات إلى توطينها، حيث قامت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية مشكورة بالتعاون مع وزارة التجارة والاستثمار، ووزارة الشؤون البلدية والقروية، ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، بتطبيق قرار توطين قطاع الاتصالات، وذلك من خلال البدء في قَصْرُ العمل بالكامل في مهنتي بيع وصيانة أجهزة الجوالات وملحقاتها على السعوديين والسعوديات، بعد حصولهم على الدورات المخصصة لهذا القطاع وتأهيلهم، وإعطاء مهلة للمنشآت والعاملين، لتصحيح أوضاعهم خلال ستة أشهر اعتباراً من 1 جمادى الآخرة 1437هـ على أن تلتزم المنشآت المعنية بتوطين تلك المهنتين بنسبة لا تقل عن 50 % خلال ثلاثة أشهر من تاريخ 1 جمادى الآخرة 1437هـ، حتى تصل نسبة التوطين 100 % في 1 ذي الحجة 1437هـ.
وكما هو معلوم فإن الهدف من قرار توطين قطاع الاتصالات هو توفير واستحداث الوظائف، وخفض معدلات البطالة، وتنمية القوى العاملة وتأهيلهم للدخول إلى سوق العمل، وتطوير المنشآت القائمة لاستيعاب القوى العاملة الوطنية، والحد من وجود العمالة السائبة في هذا القطاع.
وهذا ما ينسجم بإذن الله مع رؤية المملكة 2030 التي أشارت إلى اهتمام الدولة الحثيث بتوفير الوظائف في جميع أنحاء المملكة، وتوفير الأجواء المناسبة لتصبح بيئة جاذبة للسعوديين والسعوديات، هذا بالإضافة إلى جذب الاستثمارات التي تساهم في تنمية الاقتصاد الوطني.
ولضمان استمرار نجاح هذا القرار، لابد من تقييم الأداء، في نهاية العام القادم 1438هـ، ومراجعة أبرز السلبيات التي واكبت تطبيق القرار ومناقشتها مع الجهات ذات العلاقة، لتلافيها مستقبلاً، حتى تكون منطلقاً بإذن الله لتسهيل عملية توطين القطاعات الأخرى بإذن الله.